للجميع فانه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد عليه السلام وعلم خالد ان الله أرسله رحمة للعالمين ولم يكن خالد برسول فاراد ان يحصل من هذه الرحمة فى الرسالة المحمدية على حظ او فرو لم يؤمر بالتبليغ فاراد ان يحطى فى البرزخ بذلك التبليغ من مقام الرسالة ليكون أقوى فى العلم فى حق الخلق اى ليعلم قوة علمه بأحوال الخلائق فى البرزخ فاضاعه قومه وانما وصف النبي قومه بانهم أضاعوا نبيهم اى وصية نبيهم حيث لم يبلغوه مراده من اخباره احوال القبر كذا فى الفصوص وشروحه.
واتفق العلماء على انه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة عام الفيل فى عاشر شهر ربيع الاول فى ليلة يوم الاثنين منه فلما تشرف العالم وجوده الشريف وعنصره اللطيف أضاءت قلوب الخلق واستنارت فهداهم الله به عليه السلام فابصره من ابصر وعمى من عمى وبقي فى الكفر والضلال
در كارخانه عشق از كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوزد گر بو لهب نباشد
وانما أضاف تعالى الرسول الى نفسه وقال رسولنا وما أضاف إليهم لان فائدة رسالته لم تكن راجعة إليهم ولما خاطب هذه الامة وأخبرهم عن مجيئ الرسول ما اضافه الى نفسه وانما جعله من أنفسهم فقال لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ لان فائدة رسالته كانت راجعة الى أنفسهم كما فى التأويلات النجمية. فعلى المؤمن ان يقتفى اثر الرسول صلى الله عليه وسلم ويتفكر فى الوعد والوعيد فقد جاء البشير والنذير بحيث لم يبق للاعتذار مجال أصلا- وروى- ان جبير بن مطعم قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالجحفة فقال (أليس تشهدون ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وانى رسول الله وان القرآن جاء من عند الله) فقلنا بلى قال (فابشروا فان هذا القرآن طرفه بيده الله وطرفه بايديكم فتمسكوا به فانكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده ابدا) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اى اذكر يا محمد لاهل الكتاب ما حدث وقت قول موسى لبنى إسرائيل ناصحالهم يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ اى انعامه عليكم إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ فى وقت جعله فيما بينكم من اقربائكم أنبياء فارشدكم وشرفكم بهم ولم يبعث فى امة من الأمم ما بعث فى بنى إسرائيل من الأنبياء وكثرة الاشراف والأفاضل فى القوم شرف وفضل لهم ولا شرف أعظم من النبوة وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً اى جعل فيكم او منكم ملوكا كثيرة فانه قد تكاثر فيهم الملوك تكاثر الأنبياء وجعل الكل فى مقام الامتنان عليهم ملوكا لما ان أقارب الملوك يقولون عند المفاخرة نحن الملوك. وقال السدى وجعلكم أحرار تملكون أنفسكم بعد ما كنتم فى أيدي القبط فى مملكة فرعون بمنزلة اهل الجزية قال ابن عباس رضى الله عنهما يعنى اصحاب خدم وحشم وكانوا أول من ملك الخدم ولم يكن لمن قبلهم خدم وقال بعضهم من له امرأة يأوى إليها ومسكن يسكنه وخادم يخدمه فهو من الملوك وكذا من كان مسكنه واسعا وفيه ماء جار فهو ملك وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ من البحر وإغراق العدو وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك مما آتاهم الله من الأمور العظام والمراد بالعالمين الأمم الخالية الى زمانهم يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ هى ارض بيت المقدس طهرت من الشرك وجعلت قرار الأنبياء ومسكن المؤمنين الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ اى كتب فى اللوح المحفوظ انها تكون مسكنا لكم ان آمنتم وأطعتم لقوله تعالى