المضاف اى كراهة ان تقولوا معتذرين عن تفريطكم فى مراعاة احكام الدين ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ يبشرنا بالجنة وَلا نَذِيرٍ يخوفنا بالنار وقد انطمست آثار الشرائع السابقة وانقطعت اخبارها فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ متعلق بمحذوف تنبئ عنه الفاء الفصيحة وتبين انه معلل به اى لا تعتذروا بذلك فقد جاءكم بشير أي بشير ونذير أي نذير على ان التنوين للتفخيم. وفى الآية امتنان عليهم بان بعث إليهم حين انطمست آثار الوحى وكانوا أحوج ما يكون اليه وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على الإرسال تترى كما فعل بين موسى وعيسى عليهما السلام حيث كان بينهما الف وسبعمائة سنة والف نبى وعلى الإرسال بعد الفترة كما فعله بين عيسى ومحمد عليهما السلام حيث كان بينهما ستمائة سنة وتسع وتسعون سنة او خمسمائة وست وأربعون سنة واربعة أنبياء على ما روى الكلبي ثلاثة من بنى إسرائيل وواحد من العرب خالدين سنان العبسي وقيل لم يكن بعد عيسى الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأنسب بما فى تنوين فترة من التفخيم اللائق بمقام الامتنان عليهم بان الرسول قد بعث إليهم عند كمال حاجتهم اليه بسبب مضى دهر طويل بعد انقطاع الوحى ليعدوه أعظم نعمة من الله وفتح باب الى الرحمة وتلزمهم الحجة فلا يتعللوا غدا بانه لم يرسل إليهم من ينبههم من غفلتهم كذا فى الإرشاد. وفى الحديث (انا اولى الناس بعيسى ابن مريم فانه ليس بينى وبينه نبى) قال ابن الملك بطل بهذا قول من قال الحواريون كانوا أنبياء بعد عيسى عليه السلام انتهى ومعنى قوله نبى اى نبى داع للخلق الى الله وشرعه واما خالدين سنان فان اظهر بدعواه الانباء عن البرزخ الذي بعد الموت وما اظهر نبوته فى الدنيا. وقصته انه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن فخرجت نار عظيمة من مغارة فاهلكت الزرع والضرع فالتجأ اليه قومه فاخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه الى المغارة التي خرجت منها ثم قال لاولاده انى ادخل المغارة خلف النار لاطفئها وأمرهم ان يدعوه بعد ثلاثة ايام تامة فانهم ان نادوه قبل ثلاثة ايام فهو يخرج ويموت وان صبروا ثلاثة ايام يخرج سالما فلما دخل صبروا يومين واستفزهم الشيطان فلم يصبروا ثلاثة ايام فظنوا انه هلك فصاحوا به فخرج خالد من المغارة وعلى رأسه ألم حصل
من صياحهم فقال ضيعتمونى وأضعتم قولى ووصيتي وأخبرهم بموته وأمرهم ان يقبروه ويرقبوه أربعين يوما فانه يأتيهم قطيع من الغنم يتقدمه حمار ابتر مقطوع الذنب فاذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه قبره فانه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين ورؤية فانتظروا أربعين يوما فجاء القطيع وتقدمه حمار ابتر فوقف حذاء قبره فهمّ مؤمنوا قومه ان ينبشوا عليه فابى أولاده خوفا من العار لئلا يقال لهم أولاد المنبوش قبره فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك فضيعوا وصيته وأضاعوه فلما بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جاءته بنت خالد فقال عليه السلام (مرحبا بابنة نبى إضاعة قومه) وانما امر خالد ان ينبش عليه ليسأل ويخبر ان الحكم فى البرزخ على صورة الحياة الدنيا فيعلم بذلك الاخبار صدق الرسل كلهم بما أخبروا به فى حياتهم الدنيا فكان غرض خالد عليه السلام ايمان العالم كله بما جاءت به الرسل من احوال القبر والمواطن والمقامات البرزخية ليكون رحمة