فى السنة الرابعة لان غزوة بنى النضير كانت بعد أحد وهى كانت بعد بدر بسنة ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ قال الراغب الوبل والوابل المطر الثقيل القطار ولمراعاة الثقل قيل للامر الذي يخاف ضرره وبال وطعام وبيل والأمر واحد الأمور لا الأوامر اى ذاقوا سوء عاقبة كفرهم في الدنيا وهو عذاب القتل ببدر وكانت غزوة بدر في رمضان من السنة الثانية من الهجرة قبل غزوة بنى النضير وَلَهُمْ فى الآخرة عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم لا يقادر قدره حيث يكون ما في الدنيا بالنسبة اليه كالذوق بالنسبة الى الاكل والمعنى ان حال هؤلاء كحال أولئك في الدنيا والآخرة لكن لا على ان حال كلهم كحالهم بل حال بعضهم الذين هم اليهود كذلك واما حال المنافقين فهو ما نطق به قوله تعالى كَمَثَلِ الشَّيْطانِ فانه خبر ثان للمبتدأ المقدر مبين لحالهم متضمن لحال اخرى لليهود وهى اغترارهم بمقالة المنافقين اوله وخيبتهم آخرا وقد أجمل في النظم الكريم حيث أسند كل من الخبرين الى المقدر المضاف الى ضمير الفريقين من غير تعيين ما أسند اليه بخصوصه ثقة بأن السامع يرد كلا من المثلين الى ما يماثله كأنه قيل مثل اليهود في حلول العذاب بهم كمثل الذين من قبلهم ومثل المنافقين في إغرائهم إياهم على القتال حسبما حكى عنهم كمثل الشيطان إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ قول الشيطان مجاز عن الإغواء والإغراء اى اغراه على الكفر إغراء الآمر المأمور على المأمور به فَلَمَّا كَفَرَ الإنسان المذكور إطاعة لاغوائه وتبعا لا هوائه قالَ الشيطان إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ اى بعيد عن عملك وأملك غير راض بكفرك وشركك وبالفارسية من بيزارم از تو يقال برئ يبرأ فهو بريئ واصل البرء والبراءة والتبري التفصى مما يكره مجاورته قال العلماء ان أريد بالإنسان الجنس فهذا التبري من الشيطان يكون يوم القيامة كما ينبئ عنه قوله تعالى إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ وان أريد ابو جهل على أن يكون اللام للعهد فقوله تعالى اكفر اى دم على الكفر پس چون بر آن ثبات ورزيد ونهال شرك در زمين دل او استحكام يافت قال انى إلخ عبارة عن قول إبليس له يوم بدر لا غالب لكم اليوم من الناس وانى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال انى بريئ منكم انى أرى ما لا ترون انى أخاف الله والله شديد العقاب يعنى لما قاتلوا ورأى إبليس جبرائيل مع محمد عليهما السلام خافه فتبرأ منهم وانهزم قال بعضهم هذا من كذبات اللعين وانه لو خاف حقيقة وقال صدقا لما استمر على ما ادى الى الخوف بعد ذلك كيف وقد طلب الانظار الى البعث للاغوآء وقال أبو الليث قال ذلك على وجه الاستهزاء ولا بعد ان يقول له ليوقعه في الحسرة والحرقة انتهى يقول الفقير الظاهر ان الشيطان يستشعر في بعض المواد جلال الله تعالى وعظمته فيخافه حذرا من المؤاخذة العاجلة وان كان منظرا ولا شك ان كل أحد يخاف السطوة الالهية عند طهور اماراتها ألا ترى الى قوله تعالى وظنوا انهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين على ان نحو قاطع الطريق وقاتل النفس ربما فعل ما فعل وهو خائف من الأخذ فَكانَ عاقِبَتَهُما اى عاقبة الشيطان وذلك الإنسان وهو بالنصب