للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغلبة صفات النفاق وقوتها فى النفس وصنف معلنوا الإسلام ومسروه فى بدء الأمر الى ان استعملوا هذه الصفات المستكنة فى النفس فيظهر بالفعل كما كان بالقوة وذلك لضعفها فى النفس فيعقبهم النفاق الى الابد بالشكوك الواقعة فى قلوبهم وهم عن هذا النوع من النفاق غافلون وهم يصومون ويصلون ويزعمون انهم مسلمون قال عمر بن عبد العزيز لو جاءت كل امة بمنافقيها وجئنا بالحجاج فضلناهم يقول الفقير سامحه الله القدير هذا الكلام بالنسبة الى ذلك الوقت ولو انه رأى وزراء آل عثمان ووكلاءهم فى هذا الزمان لوجدهم أرجح من كل منافق لانه بلغ نفاقهم الى حيث أخذوا الرشوة من الكفار ليسامحوهم فى مقاتلتهم ومحاربتهم خذ لهم الله ودمرهم ومنها ذم البخل والحرص على الدنيا وفى الحديث (ثلاثة لا يحبهم الله ورسوله وهم فى لعنة الله والملائكة والناس أجمعين البخيل والمتكبر والأكول) وفى الحديث (ويل للاغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول الله تعالى بعزتي وجلالى لأبعدنهم ولأقربنكم: قال الحافظ

گنج قارون كه فرو ميرود از قهر هنوز ... خوانده باشى كه هم از غيرت درويشانست

وفى الحديث (ما جبل ولى لله الا على السخاء) وأجود الأجواد هو الله تعالى ألا ترى انه كيف خلع خلعة الوجود على عامة الكائنات مجانا وأنعم عليهم انواع النعم الظاهرة والباطنة اى حيث منع الخلق عن المهالك كالشهوات لا بخلا بل شوقا الى اللذات الباقية الَّذِينَ رفع على الذم اى المنافقون هم الذين يَلْمِزُونَ قال فى القاموس اللمز العيب والاشارة بالعين ونحوها اى يعيبون ويغتابون الْمُطَّوِّعِينَ اى المتطوعين المتنفلين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حال من المطوعين فِي الصَّدَقاتِ متعلق بيلمزون- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم حين أراد الخروج الى غزوة تبوك يحث الناس على الانفاق والاعانة فى تجهيز العسكر فكان أول من جاء بالصدقة ابو بكر الصديق رضى الله عنه جاء بجميع ماله اربعة آلاف درهم فقال له رسول الله (هل أبقيت لا هلك شيأ) قال أبقيت لهم الله ورسوله وجاء عمر بن الخطاب رضى الله عنه بنصف ماله فقال له عليه السلام (هل أبقيت لاهلك شيأ) قال النصف الثاني فقال (ما بينكما ما بين كلاميكما) ومنه يعرف فضل أبي بكر على عمر رضى عنه وأنفق عثمان بن عفان رضى الله عنه نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها فانه جهز عشرة آلاف أنفق عليها عشرة آلاف دينار وصب فى حجر النبي عليه السلام الف دينار واعطى ثلاثمائة بعير باحلاسها وأقتابها وخمسين فرسا وعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم (اللهم ارض عن عثمان فانى عنه راض) وفى الحديث (سألت ربى ان لا يدخل النار من صاهرته او صاهرنى) وقد كان عليه السلام زوج بنته رقية من عثمان فماتت بعد ما خرج رسول الله الى بدر فلما رجع من بدر زوجه أم كلثوم ولذا سمى عثمان بذي النورين ولما ماتت أم كلثوم قال عليه السلام (لو كان عندى ثالثة لزوجتكها) وجاء عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه باربعة آلاف درهم فقال عليه السلام (بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت) فبارك الله له حتى بلغ ماله حين مات وصولحت احدى نسائه الأربع عن ربع ثمنها على ثمانين الف درهم ونيف فكان ثمن

<<  <  ج: ص:  >  >>