للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيام الساعة لتقاصر الخلق عنها وأخروها. وكذلك أخفى ليلة القدر ليجتهد المكلف فى العبادة فى ليالى الشهر كلها وأخفى ساعة الاجابة من يوم الجمعة ليكون المكلف مجدا فى الدعاء فى جميع ساعاته ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى كبرت وشقت على أهلهما من الملائكة والثقلين كل منهم أهمه خفاؤها وخروجها عن دائرة العقول وقيل عظمت على أهلهما خوفا من شدائدها وما فيها من الأهوال ومن جملة أهوالها فناء من فى السموات والأرض وهلاكهم وذلك ثقيل على القلوب لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً الا فجأة على غفلة فتقوم والرجل يسقى ما شيته والرجل يصلح حوضه والرجل يقوم سلعته فى سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه والرجل يهوى لقمة فى فمه فما يدرك ان يضعها فى فمه يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها اى عالم بها من حفى عن الشيء إذا بالغ فى السؤال عنه ومن استقصى فى تعلم الشيء وبالغ فى السؤال عنه لزمه ان يستحكم علمه به ويعلمه بأقصى ما يمكن ويكون ماهرا فى العلم فلذلك كنى بقوله تعالى كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها عن كونه عليه السلام عالما بها بأقصى ما يمكن والتعدية بعن مع كونه بمعنى العالم وهو يتعدى بالباء لكونه متضمنا لمعنى بليغ فى السؤال عنها حتى أحكمت علمها والجملة التشبيهية فى محل النصب على انها حال من الكاف اى يسألونك مشبها حالك عندهم بحال من هو حفى عنها اى مبالغ فى العلم بها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ الفائدة فى إعادته رد المعلومات كلها الى الله تعالى فيكون التكرار على وجه التأكيد والتمهيد للتعريض بجهلهم بقوله وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ اختصاص علمها به تعالى فبعضهم ينكرونها رأسا وبعضهم يعلمون انها واقعة البتة ويزعمون انك واقف على وقت وقوعها فيسألونك جهلا وبعضهم يدعون ان العلم بذلك من مواجب الرسالة فيتخذون السؤال عنها ذريعة الى القدح فى رسالتك قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا

اى جلب نفع ولا دفع ضر فمن لا يعلم ان نفعه فى أي الأشياء ومضرته فى أيها كيف يعلم وقت قيام الساعة واللام متعلق باملك قال سعدى چلبى المفتى والظاهر انه متعلق بنفعا ولا ضرا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ ان أملكه من ذلك بان يلهمنيه فيمكننى منه ويقدرنى عليه فالاستثناء متصل او لكن ما شاء الله من ذلك كائن فالاستثناء منقطع وهذا ابلغ فى اظهار العجز عن علمها وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ اى جنس الغيب لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ اى لجعلت المال والمنافع كثيرا على ان يكون بناء استفعل للتعدية كما فى نحو استذله وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ من كيد العدو والفقر والضر وغيرها إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ اى ما انا الا عبد مرسل للانذار والبشارة شأنى ما يتعلق بهما من العلوم الدينية والدنيوية لا الوقوف على الغيوب التي لا علاقة بينها وبين الاحكام والشرائع وقد كشفت من امر الساعة ما يتعلق به الانذار من مجيئها لا محالة واقترابها واما تعيين وقتها فليس مما يستدعيه الانذار بل هو مما يقدح فيه لما مر من ان إبهامه ادعى الى الانزجار عن المعاصي لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ اما متعلق بهما جميعا لانهم ينتفعون بالإنذار كما ينتفعون بالبشارة واما بالبشير فقط وما يتعلق بالنذير محذوف اى نذير للكافرين اى الباقين على الكفر وبشير لقوم يؤمنون اى فى أي وقت كان ففيه ترغيب للكفرة فى احداث الايمان وتحذير عن الإصرار على الكفر والطغيان قال الحدادي فى تفسيره فى الآية دلالة على بطلان قول

<<  <  ج: ص:  >  >>