مطوية للايذان بكثرتها كأنه قيل فعل ما فعل لمصالح جمة وليبتلى اى ليعاملكم معاملة من يبتلى ما فى صدوركم من الإخلاص والنفاق ويظهر ما فيها من السرائر وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ من مخفيات الأمور ويكشفها او يخلصها من الوساوس وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى السرائر والضمائر التي لا تكاد تفارق الصدور بل تلازمها وتصاحبها إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا اعرضوا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ من المسلمين والكافرين وهم الذين انهزموا يوم أحد إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ اى انما كان سبب انهزامهم ان الشيطان طلب منهم الزلل ودعاهم اليه بِبَعْضِ ما كَسَبُوا من الذنوب والمعاصي التي هى مخالفة امر النبي عليه السلام وترك المركز والحرص على الغنيمة والحياة فحرموا التأييد وقوة القلب وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ لتوبتهم واعتذارهم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ للذنوب حَلِيمٌ لا يعاجل بعقوبة المذنب ليتوب والنكتة فيه ان الشيطان خلق من النار فبالشيطان ونار وسوسته استخرج من معدن الإنسان حديد ما كسبوا من التولي ليجعله مرآة ظهور صفاته العفو والمغفرة والحلم وهذا قوله عليه الصلاة والسلام (لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم) ليعلم ان لله تعالى فى كل شىء من الخير والشر اسرارا لا يبلغ كنهها الا هو ولا يحيطون بشىء من علمه الا بما شاء والشيطان لا يقدر على إغواء المخلصين من اهل اليقين والنورانيين وما لم يكن فى القلب ظلمة وشوب من الهوى بسبب ارتكاب الذنوب لم يكن له مجال للوسوسة فالسالكون الذين نجوا من ظلمات النفس لا يقدر الشيطان ان يقرب منهم فضلا عن وسوستهم- قيل- رأى الجنيد إبليس فى منامه عريانا فقال ألا تستحيى من الناس فقال هؤلاء ناس. الناس أقوام فى مسجد الشونيزية أفنوا جسدى واحرقوا كبدى قال الجنيد فلما انتبهت غدوت الى المسجد فرأيت جماعة وضعوا رؤسهم على ركبهم متفكرين فلما رأونى قالوا لا يغرنك حديث الخبيث فاذا تنور القلب بنور المعرفة لا يحوم حوله بالوسوسة الشيطان الناري. وعن ابى سعيد الخراز قدس سره قال رأيت إبليس فى المنام فاخذت عصاى لاضربه فقيل لى انه لا يفزع من هذا انما يخاف من نور يكون فى القلب. قال حجة الإسلام الغزالي فى الاحياء حكى ان إبليس بث جنوده فى وقت الصحابة فرجعوا اليه مخسورين فقال ما شأنكم قالوا ما رأينا مثل هؤلاء ما نصيب منهم شيأ وقد اتعبونا فقال انكم لا تقدرون عليهم وقد صحبوا نبيهم وشهدوا نزول الوحى ولكن سيأتى بعدهم قوم تنالون منهم حاجتكم فلما جاء التابعون بث جنوده فرجعوا اليه منكسرين فقالوا ما رأينا اعجب من هؤلاء نصيب منهم الشيء بعد الشيء من الذنوب فاذا آن آخر النهار أخذوا فى الاستغفار فتبدل سيآتهم حسنات فقال انكم لن تنالوا من هؤلاء شيأ لصحة توحيدهم واتباعهم لسنة نبيهم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ولكن سيأتى بعد هؤلاء قوم تقر أعينكم بهم تلعبون بهم لعبا وتقودونهم بازمة اهوائهم كيف شئتم لا يستغفرون فيغفر لهم فلا يتوبون فتبدل سيآتهم حسنات قال فجاء قوم بعد القرون الاولى فبث فيهم الأهواء وزين لهم البدع فاستحلوها واتخذوها دينا لا يستغفرون منها ولا يتوبون عنها فسلط إبليس عليهم الأعداء وقادوهم حيث شاؤا