وكقوله عليه السلام (خمر الله طينة آدم بيده أربعين صباحا) وانما كانت فضيلته عليهم لاختصاصه بنفخ الروح المشرف بالاضافة الى الحضرة فيه من غير واسطة كما قال وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ولاختصاصه بالتجلى فيه عند نفخ الروح كما قال عليه السلام (ان الله تعالى خلق آدم فتجلى فيه) ولهذا السر ما امر الملائكة بالسجود بعد تسوية قالب آدم من الطين بل أمرهم بالسجود بعد نفخ الروح فيه كما قال الله تعالى إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ وذلك لان آدم بعد ان نفخ فيه الروح صار مستعدا للتجلى لما حصل فيه من لطافة الروح ونور انيته التي يستحق بها التجلي ومن إمساك الطين الذي يقبل الفيض الإلهي ويمسكه عند التجلي فاستحق سجود الملائكة فانه صار كعبة حقيقة قالَ الله تعالى فَاهْبِطْ يا إبليس مِنْها اى من الجنة والإضمار قبل ذكرها لشهرة كونه من سكانها وكانوا فى جنة عدن لا فى جنة الخلد وفيها خلق آدم وهذا امر عقوبة على معصية فَما يَكُونُ لَكَ اى فما يصح ويستقيم لك ولا يليق بشأنك أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها اى فى الجنة ولا دلالة فيه على جواز التكبر فى غيرها فَاخْرُجْ تأكيد للامر بالهبوط إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ اى من الأذلاء واهل الهوان على الله تعالى وعلى أوليائه لتكبرك وفى الآية تنبيه على ان الله تعالى انما طرده واهبطه لتكبره لا لمجرد عصيانه وفى الحديث (من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر وضعه الله) وفى المثنوى
از دل واز ديده ات بس خون رود ... تا ز تو اين معجبى بيرون شود
علت إبليس انا خير بدست ... وين مرض در نفس هر مخلوق هست
كرچهـ خود را بس شكسته بيند او ... آب صافى دان وسر كين زير جو
چون بشورانى مر او راز امتحان ... آب سركين رنك كردد در زمان
در تك جو هست سركين اى فتى ... كر چهـ جو صافى نمايد مر ترا
وكان الاصحاب رضى الله عنهم يبكون دما من اخلاق النفس- وذكر- ان قاضيا جاء الى ابى يزيد البسطامي يوما فقال نحن نعرف ما تعرفه ولكن لا نجد تأثيره فقال ابو يزيد خذ مقدارا من الجوز وعلق وعاءه فى عنقك ثم ناد فى البلد كل من يلطمنى ادفع له جوزة حتى لا تبقى منه شيأ فاذا فعلت ذلك تجد التأثير فاستغفر القاضي فقال ابو يزيد قد أذنبت لانى اذكر ما يخلصك من كبر نفسك وأنت تستغفر من ذلك لكمال كبرك قال ابو جعفر البغدادي ست خصال لا تحسن بست رجال. لا يحسن الطمع فى العلماء. ولا العجلة فى الأمراء. ولا الشح فى الأغنياء. ولا الكبر فى الفقراء. ولا السفه فى المشايخ. ولا اللؤم فى ذوى الاحساب فعليك بالتوحيد فانه سيف صارم يقطع عرق كل خلق مذموم قالَ الشيطان بعد كونه مطرودا أَنْظِرْنِي اى أمهلني ولا تمتنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ اى آدم وذريته للجزاء بعد فنائهم وهو وقت النفخة الثانية وأراد اللعين بذلك ان يجد فسحة من اغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت لاستحالته بعد الموت قالَ الله تعالى إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ اى من جملة الذين أخرت آجالهم