للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى نياتهم فى اعمال الخير والشر فيجازيهم بها وهم يصرفون بحرصهم على الدنيا واتباعهم الهوى المؤمنين الذين يتبعونهم بحسن الظن ويحسبون ان أعمالهم وأحوالهم على قاعدة الشريعة ومنهاج الطريقة عن سبيل الله وطريق الحق الذي امر الأنبياء بدعوة الخلق اليه وهم يطلبون اعوجاج طريق الحق بالسير فى طريق الباطل وقد وصى الله المؤمنين بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الآية حتى لا يرتدوا عن طريق الهداية بعد الايمان بالاتباع بسيرتهم وهو أهم قال تعالى وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ قال بعض المشايخ خير العلم ما كانت الخشية معه وذلك لان الخشية انما تنشأ عن العلم بصفات الحق فشاهد العلم الذي هو مطلوب الله الخشية وشاهد الخشية موافقة الأمر. واما العلم الذي تكون معه الرغبة فى الدنيا والتملق لا ربابها وصرف الهمة لاكتسابها والجمع والادخار والمباهاة والاستكثار وطول الأمل ونسيان الآخرة فما ابعد من هذا العلم علمه من ان يكون من ورثة الأنبياء وهل ينتقل الشيء الموروث الى الوارث الا بالصفة التي كان بها عند الموروث وما مثل من هذه الأوصاف أوصافه من العلماء الا كمثل الشمعة تضيء على غيرها وهى تحرق نفسها

ترك دنيا بمردم آموزند ... خويشتن سيم وغله اندوزند

عالمى را كه گفت باشد وبس ... چون بگويد نگيرد اندر كس

عالم آنكس بود كه بد نكند ... نه بگويد بخلق وخود نكند

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يأتى على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ولا من القرآن الا رسمه قلوبهم خربة من الهدى ومساجدهم عامرة بأبدانهم شر من تظل السماء يومئذ علماؤهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود) . وعن فضيل بن عياض بلغنا ان الفسقة من العلماء ومن حملة القرآن يبدأ بهم يوم القيامة قبل عبدة الأوثان. فعلى العاقل ان لا يغتر بظاهر حالهم بل ينظر الى وهن اعتقادهم وفساد بالهم فيعتبر كل الاعتبار ويتجنب من هذه سيرتهم ويسلك طريق الأخيار ويعتصم بالله بالانقطاع عما سواه ويتمسك بالتوحيد الحقيقي حتى يهتدى الى الصراط المستقيم فمن انقطع اليه بالفناء فى الوحدة كان صراطه صراط الله فلا يصده عنه أحد ولا يضره شىء ولا يضله كيد عدوه وشره فان من كان مع الله كان الله معه فهو حافظه وناصره وهذا الاستمساك ليس من شأن كل السلاك لكن الله تعالى قادر على ان يأخذ بيد عبده ويوصله الى مراده وإذا صح الطلب من العبد فلا يحرم الاجابة البتة فان من طلب وجدّ وجد ومن قرع بابا ولجّ ولج عصمنا الله وإياكم من كيد الشيطان ومكر النفس الامارة بالسوء كل آن آمين يا مستعان يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ الاتقاء افتعال من الوقاية وهى فرط الصيانة حَقَّ تُقاتِهِ اى حق تقواه وما يجب منها وهو استفراغ الوسع فى القيام بالواجب والاجتناب عن المحارم ونحوها فاتقوا الله ما استطعتم يريد بالغوا فى التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيأ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ اى مخلصون نفوسكم لله عز وجل لا تجعلون فيها شركة لما سواه أصلا وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى

<<  <  ج: ص:  >  >>