للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لا اله الا الله حصنى فمن دخل حصنى أمن من عذابى) انتهى كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل قومك يا محمد وهم قريش قَوْمُ نُوحٍ اى كذبوا نوحا وقد دعاهم الى الله وتوحيده الف سنة إلا خمسين عاما وَعادٍ قوم هود وَفِرْعَوْنُ موسى عليه السلام ذُو الْأَوْتادِ جمع وتد محركة وبكسر التاء وهو ما غرز فى الأرض او الحائط من خشب: وبالفارسية [ميخ] اى ذو الملك الثابت لانه استقام له الأمر اربعمائة سنة من غير منازع وأصله ان يستعمل فى ثبات الخيمة بان يشد أطنابها على أوتاد مركوزة فى الأرض فان أطنابها إذ اشتدت عليها كانت ثابتة فلا تلقيها الريح على الأرض ولا تؤثر فيها ثم استعير لثبات الملك ورسوخ السلطنة واستقامة الأمر بان شبه ملك فرعون بالبيت المطنب استعارة بالكناية واثبت له لوازم المشبه به وهو الثبات بالأوتاد تخييلا. وجه تخصيص هذه الاستعارة ان اكثر بيوت العرب كانت خياما وثباتها بالأوتاد ويجوز ان يكون المعنى ذو الجموع الكثيرة سموا بذلك لانهم يشدون البلاد والملك ويشد بعضهم بعضا كالوتد يشد البناء والخباء فتكون الأوتاد استعارة تصريحية وفى الحديث (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) اى لا يتقوى فى امر دينه ودنياه الا بمعونة أخيه كما ان بعض البناء يتقوى ببعضه ويكفى دليلا على كثرة جموع فرعون انه قال فى حق بنى إسرائيل ان هؤلاء لشرذمة قليلون مع انهم كانوا ينيفون على ستمائة الف مقاتل سوى الصغير والشيخ. ويجوز ان يكون الأوتاد حقيقة لا استعارة فانه على ما روى كانت له أوتاد من حديد يعذب الناس عليها فكان إذا غضب على أحد مده مستلقيا بين اربعة أوتاد وشد كل يد وكل رجل منه الى سارية وكان كذلك فى الهواء بين السماء والأرض حتى يموت او كان يمد الرجل مستلقيا على الأرض ثم يشد يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد يقول الفقير هذه الرواية هى الأنسب لما ذكروه فى قصة آسية امرأة فرعون فى سورة التحريم من انها لما آمنت بموسى أوتد لها فرعون باوتاد فى يديها ورجليها كما سيجئ وَثَمُودُ قوم صالح قال ابن عباس رضى الله عنهما ان قوم صالح آمنوا به فلما مات صالح رجعوا بعده عن الايمان فاحيى الله صالحا وبعثه إليهم ثانيا فاعلمهم انه صالح فكذبوه فاتاهم بالناقة فكذبوه فعقروها فاهلكهم الله قال الكاشفى [بعضى ايمان آوردند وجمعى تكذيب نمودند وبسبب عقر ناقه هلاك شدند] وَقَوْمُ لُوطٍ قال مجاهد كانوا اربعمائة الف بيت فى كل بيت عشرة وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء الا ويقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا لوط فانه يقوم وحده كما فى كشف الاسرار وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ اصحاب الغيضة من قوم شعيب بالفارسية [اهل بيشه] قال الراغب الأيك شجر ملتف واصحاب الايكة قيل نسبوا الى غيضة كانوا يسكنونها وقيل هى اسم بلد كما فى المفردات أُولئِكَ الْأَحْزابُ بدل من الطوائف المذكورة يعنى المتحزبين اى المجتمعين على أنبيائهم الذين جعل الجند المهزوم يعنى قريشا منهم إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ استئناف جييء به تهديدا لما يعقبه اى ما كل حزب وجماعة من أولئك الأحزاب الا كذب رسوله على نهج مقابلة الجمع بالجمع لتدل على انقسام الآحاد بالآحاد كما فى قولك ركب القوم دوابهم والاستثناء مفرغ أمن أعم الاحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>