اللهم اختم لنا بالخير واعصمنا من كل سوء وضير وآمنا من البلايا وفتنة القبر ومحاسبة الحشر تمت سورة الأحزاب بعون الله الوهاب يوم الأحد الثامن عشر من شهر الله المحرم سنة عشر ومائة والف
[تفسير سورة سبأ]
اربع وخمسون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الالف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص اى جميع افراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملك لله تعالى ومخصوص به لا شركة لاحد فيه لانه الخالق والمالك كما قال الَّذِي لَهُ خاصة خلقا وملكا وتصرفا بالإيجاد والاعدام والاحياء والاماتة ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى جميع الموجودات فاليه يرجع الحمد لا الى غيره وكل مخلوق اجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى فى الحقيقة وان الزنجي لا يتغير عن لونه لان سمى كافورا والمراد على نعمه الدنيوية فان السموات والأرض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا دينا ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه فى الدنيا عن ذكر كون الحمد ايضا فيها وقد صرح فى موضع آخر كما قال (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) وهذا القول اى الحمد لله إلخ وان كان حمدا لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ بيان لاختصاص الحمد الأخروي به تعالى اثر بيان اختصاص الدنيوي به على ان الجار متعلق اما بنفس الحمد او بما تعلق به الخبر من الاستقرار وإطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الاخروية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) وقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) الآية وما يكون ذريعة الى نيلها من النعم الدنيوية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) اى لما جزاؤه هذا من الايمان والعمل الصالح يقال يحمده اهل الجنة فى ستة مواضع أحدها حين نودى (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) فاذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) كما قال نوح عليه السلام حين أنجاه الله من قومه والثاني حين جاوزوا الصراط قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) والثالث لما دنوا الى باب الجنة واغتسلوا بماء الحياة ونظروا الى الجنة قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا)
والرابع لما دخلوا الجنة واستقبلتهم الملائكة بالتحية قالوا (الحمد لله الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) والخامس حين استقروا فى منازلهم قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) والفرق بين الحمدين مع كون نعمتى الدنيا والآخرة بطريق التفضل ان الاول على نهج العبادة والثاني على وجه التلذذ كما يتلذذ العطشان بالماء البارد لا على وجه الفرض والوجوب وقد ورد فى الخبر (انهم يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس)[وكفته اند مجموع اهل آخرت مرو را حمد كويند دوستان او را بفضل ستايند ودشمنان بعدل] يقول الفقير فيه نظر لان الآخرة المطلقة كالعاقبة الجنة مع ان المقام يقتضى ان يكون ذلك من ألسنة اهل الفضل إذ لا اعتبار بحال اهل