الكفرة الى يوم الدين أَفَلَمْ يَسِيرُوا كفار العرب فِي الْأَرْضِ اى أقعدوا فى أماكنهم ولم يسيروا فيها الى جانب الشام واليمن والعراق فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المكذبة كعاد وثمود وأهل سبأ فان آثار ديارهم تنبىء عن اخبارهم دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل الله عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم يقال دمره أهلكه ودمر عليه أهلك عليه ما يختص به قال الطيبي كأن فى دمر عليهم تضمين معنى أطبق فعدى بعلى فاذا أطبق عليهم دمارا لم يخلص مما يختص بهم أحد وفى حواشى سعدى المفتى دمر الله عليهم اى أوقع التدمير عليهم وَلِلْكافِرِينَ اى ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم أَمْثالُها اى أمثال عواقبهم او عقوباتهم لكن لا على ان لهؤلاء أمثال ما لاولئك وأضعافه بل مثله وانما جميع باعتبار مماثلته لعواقب متعددة حسب تعدد الأمم المعذبة وفى الآية اشارة الى ان النفوس السائرة لتلحق نعيم صفاتها الذميمة كرهوا ما انزل الله من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع ومتعابعة الأنبياء فأحبط أعمالهم لشوبها بالشرك والرياء والتصنع والهوى او لم يسلكوا فى ارض البشرية فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من القلوب والأرواح لما تابعوا الهوى وتلوثوا بحب الدنيا أهلكهم الله فى اودية الرياء وبوادي البدعة والضلال وللكافرين من النفوس اللئام فى طلب المرام أمثالها من الضلال والهلاك ذلِكَ اشارة الى ثبوت أمثال عقوبة الأمم السابقة لهؤلاء وقال بعضهم ذلك المذكور من كون المؤمنين منصورين مظفرين ومن كون الكافرين مقهورين مدمرين بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب انه تعالى مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا اى ناصر لهم على أعدائهم فى الظاهر والباطن بسبب ايمانهم وَأَنَّ الْكافِرِينَ اى بسبب انهم لا مَوْلى لَهُمْ اى لا ناصر لهم فيدفع عنهم العذاب الحال بسبب كفرهم فالمراد ولاية النصرة لا ولاية العبودية فان الخلق كلهم عباده تعالى كما قال ثم ردوا الى الله مولاهم الحق اى مالكهم الحق وخالقهم او المعنى لا مولى لهم فى اعتقادهم حيث يعبدون الأصنام وان كان مولاهم الحق تعالى فى نفس الأمر ويقال أرجى آية فى القرآن هذه الآية لان الله تعالى قال مولى الذين آمنوا ولم يقل مولى الزهاد والعباد واصحاب الأوراد والاجتهاد والمؤمن وان كان عاصيا فهو من جملة الذين آمنوا ذكره القشيري قدس سره واعلم ان الجند جندان جند الدعاء وجند الوغى فكما ان جند الوغى منصورون بسبب أقويائهم فى باب الديانة والتقوى ولا يكونون محرومين من الطاف الله تعالى كذلك جند الدعاء مستجابون بسبب ضعفائهم فى باب الدنيا وظاهر الحال ولا يكونون مطرودين عن باب الله كما قال عليه السلام انكم تنصرون بضعفائكم (قال الشيخ السعدي) دعاء ضعيفان اميدوار ز بازوى مردى به آيد بكار ثم اعلم ان الله تعالى هو الموجود الحقيقي وماسواه معدوم بالنسبة الى وجوده الواجب فالكفار لا يعبدون الا المعدوم كالاصنام والطاغوت فلذا لا ينصرون والمؤمنون يعبدون الموجود الحقيقي وهو الله تعالى فلذا ينصرهم فى الشدائد وايضا ان الكفار يستندون الى الحصون والسلاح والمؤمنون يتوكلون على القادر القوى الفتاح فالله معينهم على كل