قالوا لا فعند ذلك قال فان فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه واهله إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ غير عجول على الانتقام ممن أساء اليه أَوَّاهٌ كثير التأوه على الذنوب والتأسف على الناس وفى ربيع الأبرار معنى التأوه الدعاء الى الله بلغة توافق النبطية مُنِيبٌ راجع الى الله تعالى بما يجب ويرضى اى كان جداله بحلم وتأوه عليهم فان الذي لا يتعجل فى مكافاة من يؤذيه يتأوه اى يقول أوه وآه إذا شاهد وصول الشدائد الى الغير وانه مع ذلك راجع الى الله فى جميع أحواله اى ما كان بعض أحواله مشوبا بعلة راجعة الى حظ نفسه بل كان كله لله فتبين ان رقة القلب حملته على المجادلة فيهم رجاء ان يرفع عنهم العذاب ويمهلوا لعلهم يحدثون التوبة والانابة كما حملته على الاستغفار لابيه يقول الفقير دلت الآية على ان المجادلة وقعت فى قوم لوط ودلت التفاسير على انها وقعت فى لوط نفسه والمؤمنين معه ولا تنافى بينهما فان عموم الرحمة التي حملته عليها نشأة الأنبياء عليهم السلام لا يميز بين شخص وشخص فان الامة بالنسبة الى النبي كالاولاد بالنسبة الى الأب وكفرهم لا يرفع الرحمة فى حقهم ويدل عليه حال نوح مع ابنه كنعان كما وقفت عليه فيما سبق وانما مجيئ البشرى فى حق قومه فقط فبقى الألم فى حق الغير على حاله واتصال القرابة بين ابراهيم ولوط يقتضى ان يكون قوم لوط فى حكم قوم ابراهيم فافهم يا إِبْراهِيمُ على ارادة القول اى قالت الملائكة يا ابراهيم أَعْرِضْ عَنْ هذا الجدال بالحلم والرحمة على غير اهل الرحمة إِنَّهُ اى الشان قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ قدره بمقتضى قضائه الأزلي بعذابهم وهو اعلم بحالهم والقضاء هو الارادة الازلية والعناية الالهية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب خاص والقدر تعلق الارادة بالأشياء فى أوقاتها وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ غير مصروف عنهم بجدال ولا بدعاء ولا بغير ذلك وانك مأجور مثاب فيما جادلتنا لنجاتهم وهذا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اشفعوا تؤجروا وليقصنّ الله على لسان نبيه ما شاء) قال ابن الملك فى شرح الحديث لا يخفى ان مطلق الشفاعة لا يكون سببا للاجر فيحمل على ان تكون الشفاعة لارباب الحوائج المشروعة كدفع ظلم وعفو عن ذنب ليس فيه حد انتهى والحد واجب فى اللواطة عند الإمامين لانهما الحقاها بالزنى. وعند ابى حنيفة يعزر فى ظاهر الرواية وزاد فى الجامع الصغير ويودع فى السجن حتى يتوب. وروى عنه الحد فى دبر الاجنبية ولو فعل هذا بعبده او أمته او منكوحته لا يحد بلا خلاف وفى الشرح الاكملى والظاهر ان ما ذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث يجازى بما يجازى القتل او الزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لا يجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة يقول الفقير الظاهر ان إتيان العذاب الغير المردود لاصرارهم على الكفر والتكذيب بعد استبانة الحق واللواطة من جملة اسباب الإتيان كالعقر لناقة الله بالنسبة الى قوم صالح- روى- ان الرسل الذين بشروا ابراهيم خرجوا بعد هذه المجادلة من عنده وانطلقوا الى قرية لوط سدوم وما بين القريتين اربعة فراسخ فانتهوا إليها نصف النهار فاذاهم بجوار يستقين من الماء فابصرتهم ابنة لوط وهى تستقى الماء فقالت لهم ما شأنكم واين تريدون قالوا أقبلنا من مكان