للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعدادهم الكامل يسد عليهم باب الاعتذار بهذا ايضا فان التقليد بعد قيام الدلائل والقدرة على الاستدلال بها مما لا مساغ له أصلا وَكَذلِكَ اشارة الى مصدر الفعل المذكور بعده ومحله النصب على المصدرية اى مثل ذلك التفصيل البليغ المستتبع للمنافع الجليلة نُفَصِّلُ الْآياتِ المذكورة لا غير ذلك وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وليرجعوا عما هم عليه من الإصرار على الباطل وتقليد الآباء نفعل التفصيل المذكور. فالوا وان ابتدائيتان ويجوز ان تكون الثانية عاطفة على مقدر مرتب على التفصيل اى وكذلك نفصل الآيات ليقفوا على ما فيها ومن المرغبات والزواجر وليرجعوا إلخ هذا والأكثر على ان المقاولة المذكورة فى الآية حقيقة لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما من انه لما خلق الله آدم عليه السلام مسح ظهره فاخرج منه كل نسمة هو خالقها الى يوم القيامة فقال ألست بربكم قالوا بلى فنودى يومئذ جف القلم بما هو كائن الى يوم القيامة وقد روى عن عمر رضى الله عنه انه سئل عن الآية الكريمة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال (ان الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل اهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال هؤلاء للنار وبعمل اهل النار يعملون) فقال رجل ففيم العمل يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل اهل الجنة حتى يموت على عمل من اعمال اهل الجنة فيدخله به الجنة وإذا حلق العبد للنار استعمله بعمل اهل النار حتى يموت على عمل من اعمال اهل النار فيدخل به النار) وليس المعنى انه تعالى اخرج الكل من ظهره عليه السلام بالذات بل اخرج من ظهره عليه السلام أبناءه الصلبية ومن ظهورهم أبناءهم الصلبية وهكذا الى آخر السلسلة لكن لما كان الظهر الأصلي ظهره عليه السلام وكان مساق الحديثين الشريفين بيان حال الفريقين اجمالا من غير ان يتعلق بذكر الوسائط غرض علمى نسب إخراج الكل اليه واما الآية الكريمة فحيث كانت مسوقة للاحتجاج على الكفرة المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان عدم إفادة الاعتذار بإسناد الإشراك الى آبائهم اقتضى الحال نسبة إخراج كل واحد منهم الى ظهر أبيه من غير تعرض لاخراج الأبناء الصلبية لآدم عليه السلام من ظهره قطعا كذا فى الإرشاد وقال الحدادي فان قيل كيف يكون الميثاق حجة على الكفار منهم وهم لا يذكرون ذلك حين أخرجهم من صلب آدم قيل لما أرسل الله الرسل فاخبروهم بذلك الميثاق صار قول الرسل حجة عليهم وان لم يذكروا ألا ترى ان من ترك من صلاته ركعة ونسى ذلك فذكرت له ذلك الثقات كان قولهم حجة عليه قال المولى ابو السعود على القول الثاني وهو ما ذهب اليه الأكثر من حقيقة المقاولة ان قوله تعالى أَنْ تَقُولُوا إلخ ليس مفعولا له لقوله تعالى وَأَشْهَدَهُمْ وما يتفرع عليه من قولهم بَلى شَهِدْنا حتى يجب كون ذلك الاشهاد والشهادة محفوظا لهم فى إلزامهم بل لفعل مضمر ينسحب الكلام عليه والمعنى فعلنا ما فعلنا من الأمر بذكر الميثاق وبيانه كراهة ان تقولوا ايها الكفرة يوم القيامة انا كنا غافلين عن ذلك الميثاق لم ننبه عليه فى دار التكليف والا لعملنا بموجبه انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>