بحق الحكمة يا صاحِبَيِ السِّجْنِ الاضافة بمعنى فى اى يا صاحبى فى السجن لما ذكر ما هو عليه من الدين القويم تلطف فى حسن الاستدلال على فساد ما عليه قوم الفتيين من عبادة الأصنام فناداهما باسم الصحبة فى المكان الشاق الذي يخلص فيه المودة ويتمحض فيه النصيحة أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ الاستفهام إنكاري [آيا خدايان پراكنده كه شما داريد از زر ونقره وآهن و چوب وسنگ] او من صغير وكبير ووسط كما فى التبيان خَيْرٌ لكما أَمِ اللَّهُ المعبود بالحق الْواحِدُ المنفرد بالالوهية الْقَهَّارُ الغالب الذي لا يغالبه أحد. وفيه اشارة الى ان الله يقهر بوحدته الكثرة وان الدنيا والهوى والشيطان وان كان لها خيرية بحسب زعم أهلها لكنها شر محض عند الله تعالى لكونها مضلة عن طريق طلب أعلى المطالب واشرف المقاصد ما تَعْبُدُونَ الخطاب لهما ولمن على دينهما مِنْ دُونِهِ اى من دون الله شيأ إِلَّا أَسْماءً مجردة لا مطابق لها فى الخارج لان ما ليس فيه مصداق اطلاق الاسم عليه لا وجود له أصلا فكانت عبادتهم لتلك الأسماء فقط سَمَّيْتُمُوها جعلتموها اسماء أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ بمحض جهلكم وضلالتكم ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها اى بتلك التسمية المستتبعة للعبادة مِنْ سُلْطانٍ من حجة تدل على صحتها إِنِ الْحُكْمُ فى امر العبادة المتفرعة على تلك التسمية إِلَّا لِلَّهِ لانه المستحق لها بالذات إذ هو الواجب بالذات الموجد للكل والمالك لامره فكأنه قيل فماذا حكم الله فى هذا الشأن فقيل أَمَرَ على ألسنة الأنبياء أَلَّا تَعْبُدُوا اى بان لا تعبدوا إِلَّا إِيَّاهُ الذي دلت عليه الحجج ذلِكَ تخصيصه تعالى بالعبادة الدِّينُ الْقَيِّمُ اى الثابت او المستقيم وهو دين الإسلام الذي لا عوج فيه وأنتم لا تميزون الثابت من غيره ولا المعوج من القويم قال تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وهو باعتبار الأصول واحد وباعتبار الفروع مختلف ولا يقدح الكثرة العارضة بحسب الشرائع المبنية على استعدادات الأمم فى وحدته وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فيخبطون فى جهالتهم واعلم ان ما سوى الله تعالى ظل زائل والعاقل لا يتبع الظل بل يتبع من خلق الظل وهو الله تعالى واتباعه به هو تدينه بما امر به ومن جملته قصر العبادة له بالاجتناب عن الشرك الجلى والخفي وهو الإخلاص التام الموصل الى الله الملك العلام قال بعض الفضلاء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد انتهى- وحكى- ان أمرة قالت لجماعة ما السخاء عندكم قالوا بذل المال قالت هو سخاء اهل الدنيا والعوام فما سخاء الخواص قالوا بذل المجهود فى الطاعة قالت ترجون الثواب قالوا نعم قالت تأخذون العشرة بواحد لقوله تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فأين السخاء قالوا فما عندك قالت العمل لله تعالى لا للجنة ولا للنار ولا للثواب وخوف العقاب وذلك لا يمكن الا بالتجريد والتفريد والوصول الى حقيقة الوجود وبمثل هذا العمل يصل المرء الى الله تعالى ويجد الله أطوع له فيما أراد ولا تزال العوالم فى قبضته بإذن الله تعالى فيحكم بحكم الله تعالى ويعلم بعلم الله تعالى فيخبر عن المغيبات كما وقع ليوسف عليه السلام قال ابو بكر الكتاني قال