قائم بالحق خارج عن الطبع كما اخبر عن نفسه الشريفة القدسية بقوله لست كأحدكم أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى وهذا يدل على قيامه بالحق وخروجه عن الطبع وأحكامه انتهى يقول الفقير امده الله القدير لفظ النجم نون هى خمسون بحساب ابجد وجيم هى ثلاثة فالمجموع ثلاثة وخمسون وميم هى أربعون فأشار الى ان النبي عليه السلام بعث عند الأربعين وجعل خاتم الأنبياء والمرسلين ومكث في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة والمجموع ثلاثة وخمسون وقد سماه الله تعالى بالنجم في هذه الآية كما سماه سراجا منيرا في آية اخرى لانه يستضاء بنور وجهه وضياء علمه وهداه وهوى هذا النجم العالي غروبه من مكة بعد المدة المذكورة وهجرته الى المدينة ولذا اقسم الله على عدم ضلاله وغيه لانه في غروبه ذلك وحركته راشد مهدى حيث كان بأمر الله تعالى واذنه فلما غرب من مكة اظلمت الدنيا على قريش وصاروا في ظلمة شديدة ولما طلع على المدينة أشرقت الأرض على المؤمنين حتى انهم وقعوا في البدر التام في السنة الثانية من الهجرة حيث نورهم الله تحت لواء حبيبه بنور النصرة على الأعداء ببدر وصار حال الأعداء الى ظلمة العدم وبهذا يظهر سر قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وسر قوله عليه السلام لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله اى ينقطع اهل الذكر المتصل وكان هو النبي عليه السلام في مكة وبخروجه عنها بمفارقته عن ارضها واصرار القوم على الشرك والعناد وقع عليهم الطامة الكبرى ببدر كما تقوم الساعة عند انقطاع اهل الذكر الدائم من الأرض ففيه الناس يعنى الناسين لا يعرفون قدر اهل الذكر والحضور فيما بينهم بل يعادونهم ويؤذونهم مع ان في ذلك هلاكهم لانهم ملكوتهم وبانقطاع الملكوت والأرواح عن الملك والأجسام يزول الملك وتخرب الأجسام لانقطاع سبب البقاء ومن هنا قالوا ان لله رجالا متصرفين في أقطار الدنيا ولو في دار الحرب قانه لا بد للوجود من فيض البقاء والامداد أمدنا الله وإياكم بمزيد فضله وجوده وشرفنا بوصاله وشهوده بحرمة النجم وهويه وسجوده أمين أمين وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى يقال نطق ينطق نطقا ومنطقا ونطوقا تكلم بصوت وحروف يعرف بها المعاني كما في القاموس فلا يستعمل في الله تعالى لان التكلم بالصوت والحروف من خواص المخلوق والهوى مصدر هويه من باب علم إذا أحبه واشتهاه ثم غلب على الميل الى الشهوات والمستلذات من غير داعية الشرع ومنه قيل صاحب الهوى للمبتدع لانه مائل الى ما يهواه في امر الدين فالهوى هو الميل المخصوص المذموم ولهذا نهى الله أنبياءه فقال لداود عليه السلام ولا تتبع الهوى ولنبينا عليه السلام ولا تتبع أهواءهم ولم يمل أحد من الأنبياء اليه بدليل قوله عليه السلام ما اطلى نبى قط يقال اطلى الرجل إذا مال الى هواه (حكى) عن بعض الكبار انه قال كنت في مجلس بعض الغافلين فتكلم الى أن قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام حيث قال حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى في الصلاة فقلت له اما تستحيى من الله تعالى فانه ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد على ما كان