وفيه اشارة الى ان اللسان انما خلق للذكر والدعاء لا لكلام الدنيا والغيبة والبهتان
زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نگرداندش حق شناس
وقد كان أول كلام تكلم به أبونا آدم عليه السلام حين عطس الحمد لله وآخر الدعاء ايضا كان ذلك. ففيه اشارة الى ان العبد غريق فى بحر نعم الله اولا وآخرا فعليه استغراق أوقاته بالحمد ونعم الله فى الدنيا متناهية وفى الآخرة غير متناهية فالحمد لا نهاية له ابد الآباد وهو منتهى مراتب السالكين: وفى المثنوى
حمدشان چون حمد گلشن از بهار ... صد نشانى دارد وصد گير ودار
بر بهارش چشمه ونخل وگياه ... وان گلستان ونگارستان گواه
تو ملاف از مشك كان بوى پياز ... از دم تو ميكند مكشوف راز
يعنى ان لحمد العارف علامة فانه يشهد لحمده كل أعضائه بخلاف حمد غيره فلا بد من تحقيق الدعوى بالحجة والبرهان فان الدعوى المجردة لا تنفع كما لا يخفى على اهل الإيقان تسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الحامدين فى السراء والضراء بلسان الجهر والإخفاء وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ [واگر تعجيل كند خداى تعالى] لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ التعجيل تقديم الشيء قبل وقته والاستعجال طلب العجلة والمراد بالشر العذاب وسمى به لانه أذى مكروه فى حق المعاقب- روى- ان النضر بن الحارث قال منكرا لنبوته عليه السلام اللهم ان كان محمد حقا فى ادعاء الرسالة فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم وكانوا يستعجلون العذاب المتوعد به من لسان النبوة فقال تعالى وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ والعذاب حين استعجلوه استعجالا مثل اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ والرحمة والعافية لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ لادى إليهم الاجل الذي عين لعذابهم وأميتوا واهلكوا بالمرة وما أمهلوا طرفة عين لان تركيبهم فى الدنيا لا يحتمل ما استعجلوه من العذاب ولكن لا نعجل ولا نقضى فَنَذَرُ الَّذِينَ اى نترك فالفاء للعطف على مقدر لا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل فى الامتناع الذي يقتضيه لو وليس كذلك لان التعجيل لم يقع وتركهم فى طغيانهم يقع كما فى تفسير ابى البقاء لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لا يتوقعون جزاءنا فى الآخرة التي هى محل اللقاء لانكارهم البعث فِي طُغْيانِهِمْ الذي هو عدم رجاء اللقاء وانكار البعث والجزاء وهو متعلق بنذر او بقوله يَعْمَهُونَ اى حال كونهم متحيرين ومترددين وذلك لانه لاصلاح ولا حكمة فى اماتتهم وإهلاكهم عاجلا إذ ربما آمنوا بعد ذلك او ربما خرج من أصلابهم من يكون مؤمنا ولذلك لا يعاجلهم الله تعالى بايصال الشر إليهم بل يتركهم امهالا لهم واستدراجا قال الحدادي الآية عامة فى كل من يستعجل العقاب الذي يستحقه بالمعاصي ويدخل فيها دعاء الإنسان على نفسه وولده وقومه بما يكره ان يستجاب له مثل قول الرجل إذا غضب على ولده اللهم لا تبارك فيه والعنه وقوله لنفسه رفعنى الله من بينكم وفى الحديث (دعاء المرء على محبوبه غير مقبول) وعن ابن عمر رضى الله عنهما رفعه (انى سئلت الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه) ولكن قد صح (ان دعاء الوالد على ولده لا يرد) فيجمع بينهما كما فى المقاصد الحسنة وقال شهر بن حوشب قرأت فى بعض الكتب ان الله تعالى يقول للملكين