لواحد منهما ان يعفو لانه خالص حق الله ولهذا لم يصح ان يصالح عنه بمال وإذا تاب القاذف قبل ان يثبت الحد سقط وإذا قذف الصبى او المجنون امرأته او أجنبيا فلا حد عليهما ولا لعان لا فى الحال ولا إذا بلغ او أفاق ولكن يعذران تأديبا ولو قذف شخصا مرارا فان أراد زنية واحدة وجب حد واحد وان أراد زنيات مختلفة كقوله زنيت بزيد وبعمرو تعدد لتعدد اللفظ كما فى الكبير وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً عطف على اجلدوا داخل فى حكمه تتمة له لما فيه من معنى الزجر لانه مؤلم للقلب كما ان الجلد مؤلم للبدن وقد أذى المقذوف بلسانه فعوقب باهدار منافعه جزاء وفاقا واللام فى لهم متعلقة بمحذوف هو حال من شهادة قدمت عليها لكونها نكرة وفائدتها تخصيص الرد بشهادتهم الناشئة عن اهليتهم الثابتة لهم عند الرمي وهو السر فى قبول شهادة الكافر المحدود فى القذف بعد التوبة والإسلام لانها ليست ناشئة عن أهليته السابقة بل أهليته حدثت له بعد إسلامه فلا يتناول الرد والمعنى لا تقبلوا من القاذفين شهادة من الشهادات حال كونها حاصلة لهم عند القذف أَبَداً اى مدة حياتهم وان تابوا وأصلحوا وَأُولئِكَ هُمُ لا غيرهم الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق والخروج عن الطاعة والتجاوز عن الحدود كأنهم هم المستحقون لاطلاق اسم الفاسق عليهم من الفسقة قال فى الكبير يفيد ان القذف من الكبائر لان الفسق لا يقع الا على صاحبها إِلَّا الَّذِينَ تابُوا استثناء من الفاسقين مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد ما اقترفوا ذلك الذنب العظيم وَأَصْلَحُوا أعمالهم بالتدارك ومنه الاستسلام للحد والاستحلال من المقذوف فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تعليل لما يفيده الاستثناء من العفو عن المؤاخذة بموجب الفسق كأنه قيل فحينئذ لا يؤاخذهم الله بما فرط منهم ولا ينظمهم فى سلك الفاسقين لانه مبالغ فى المغفرة والرحمة وفى الآية اشارة الى غاية كرم الله ورحمته على عباده بان يستر عليهم ما أراد بعضهم إظهاره على بعض ولم يظهر صدق أحدهما او كذبه ولتأديبهم أوجب عليهم الحد ورد قبول شهادتهم ابدا وسماهم الفاسقين وليتصفوا بصفاته السارية والكريمية والرحيمية فيما يسترون عيوب إخوانهم المؤمنين ولا يتبعوا عوراتهم وقد شدد النبي على من يتبع عورات المسلمين ويفشى أسرارهم فقال (يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين فانه من يتبع عوراتهم يفضحه الله يوم القيامة على رؤس الاشهاد) وقال عليه السلام (من ستر على مسلم ستر الله عليه فى الدنيا والآخرة) : قال الشيخ سعدى
منه عيب خلق فرومايه پيش ... كه چشمت فرو دوزد از عيب خويش
كرت زشت خويى بود در سرشت ... نه بينى ز طاوس جز پاى زشت
طريق طلب كز عقوبت رهى ... نه حرفى كه انكشت بر وى نهى
وفى الآية اشارة ايضا الى كمال عنايته تعالى فى حق عباده بانه يقبل توبتهم بعد ارتكاب الذنوب العظام ولكن بمجرد التوبة لا يكون العبد مقبولا الا بشرط ازالة فساد حاله وإصلاح اعماله قال بعضهم علامة تصحيح التوبة وقبولها ما يعقبها من الصلاح والتوبة هى الرجوع عن كل ما يذمه العلم واستصلاح ما تعدى فى سالف الازمنة ومداومتها باتباع العلم