مولاه الذي من عليه بكل خير وأولاه ويطلب ما لا بقاء له معه وهو ما يوافق النفس من شهوته وهواه وآخرته ودنياه فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور واسباب عمى البصيرة ثلاثة إرساله الجوارح في معاصى الله والتصنع بطاعة الله والطمع في خلق الله فعند عماها يتوجه العبد للخلق ويعرض عن الحق وفي التأويلات النجمية الاشارة في تحقيق الآيتين ان مثل المريد الذي له بداية جميلة يسلك طريق الارادة مدة ويتعنى بمقاساة شدائد الصحبة برهة حتى تنور بنور الارادة فاستوقد نار الطلب فاضاءت ما حوله فرأى اسباب السعادة والشقاوة فتمسك بحبل الصحبة فلازم الخدمة والخلوة وعرفت نفسه عن الدنيا واقبل على قمع الهوى فشرقت له من صفاء القلب شوارق الشوق وبرقت له من أنوار الروح بوارق الذوق فامن مكر الله وانخدع بخداع النفس فطرقته الهواجس وأزعجته الوساوس ثم رجع القهقرى الى ما كان من حضيض الدنيا فغابت شمسه واظلمت نفسه وانقطع حبل وصاله قبل وصوله واخرج من جنة نواله بعدد دخوله فبقدمى سأمه وملاله عاد الى أسوأ حاله كما قال تعالى وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ صُمٌّ يعنى بآذان قلوبهم التي سمعوا بها خطاب الله تعالى يوم الميثاق بُكْمٌ بتلك الالسنة التي أجابوا ربهم بها بقولهم بلى عُمْيٌ بالأبصار التي شاهدوا بها جمال ربوبيته فعرفوه فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ الى منازل حظائر القدس بل الى ما كانوا فيه من رياض الانس وذلك لانهم سدوا روزنة قلوبهم التي كانت مفتوحة الى عالم الغيب يوم الميثاق بتتبع الشهوات واستيفاء اللذات والخدعة والنفاق فما هبت عليهم من جناب القدس الرياح وما تنسموا نفحات الأرواح فمرضت قلوبهم ثم أرسل إليهم الطبيب الذي انزل الداء فانزل معه الدواء كما قال تعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الذين يصدقون الأطباء ويقبلون الدواء فلم يصدقوهم ولم يقبلوا الدواء ظلما على أنفسهم فصار الدواء داء والشفاء وباء كما قال تعالى وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً فلما لم يكونوا اهل الرحمة أدركتهم اللعنة الموجبة للصمم والعمى لقوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ أَوْ مثل المنافقين كَصَيِّبٍ اى كحال اصحاب صيب اى مطر يصوب اى ينزل ويقع من الصوب وهو النزول أصله صيوب والكاف مرفوع المحل عطف على الكاف في قوله كَمَثَلِ الَّذِي وأو للتخيير والتساوي اى كيفية قصة المنافقين شبيهة بكيفية هاتين القصتين والقصتان سواء في استقلال كل واحدة منهما بوجه التمثيل فبأيتهما مثلتها فانت مصيب وان مثلتها بهما جميعا فكذلك مِنَ السَّماءِ متعلق بصيب والسماء سقف الدنيا وتعريفها للايذان بان انبعاث الصيب ليس من أفق واحد فان كل أفق من آفاقها اى كل ما يحيط به كل أفق منها سماء على حدة والمعنى انه صيب عام نازل من غمام مطبق آخذ بآفاق السماء وفيه ان السحاب من السماء ينحدر ومنها يأخذ ماءه لا كزعم من يزعم انه يأخذه من البحر قال الامام من الناس من قال المطر انما يتحصل من ارتفاع ابخرة رطبة من الأرض الى الهواء فينعقد هناك من شدة برد الهواء ثم ينزل مرة اخرى وأبطل الله ذلك المذهب هنا بان بين ان ذلك الصيب نزل من السماء وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء