للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعظما لشان المسألة فدفعه اليه فقال لو دفعت الى البنت مصحفا كنت بارا فى يمينك فسأله علماء عصره عن وجهه فاجاب بان الله تعالى قال وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فوقع هذا الجواب عندهم فى حيز القبول

علم دريست نيك با قيمت ... جهل درديست سخت بى درمان

وفى التأويلات هذه الآيات المنزلة عليك آيات الكتاب الحكيم الذي وعدتك فى الأزل وأورثته لك ولا متك وقلت ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فاختص هذا الكتاب بان يكون حكيما من سائر الكتب اى حاكما يحكم على الكتب كلها بتبديل الشرائع والنسخ ولا يحكم عليه كتاب ابدا واختص هذه الامة بالاصطفاء من سائر الأمم وأورثهم هذا الكتاب ومعنى الوراثة انه يكون باقيا فى هذه الامة يرثه بعضهم من بعض ولا ينسخه كتاب كما نسخ هو جميع الكتب أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً الهمزة لانكار تعجبهم ولتعجيب السامعين منه لكونه فى غير محله والمراد بالناس كفار مكة قال ابو البقاء للناس حال من عجبا لان التقدير أكان عجبا للناس وعجبا خبر كان واسمه قوله أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ اى بشر من جنسهم فأنهم كانوا يتعجبون من إرسال البشر ولم يتعجبوا من ان يكون الا له صنما من حجر او ذهب او خشب او نحاس او ممن لا يعرف بكونه ذا جاه ومال ورياسة ونحو ذلك مما يعدونه من اسباب العز والعظمة فانهم كانوا يقولون العجب ان الله تعالى لم يجد رسولا يرسله الى الناس الا يتيم ابى طالب وهو من فرط حماقتهم وقصر نظرهم على الأمور العاجلة وجهلهم بحقيقة الوحى والنبوة فانه عليه السلام لم يكن يقصر عن عظمائهم فى النسب والحسب والشرف وكل ما يعتبر فى الرياسة من كرم الخصال الا فى المال ولا مدخل له فى شرف النفس ونجابة جوهرها الا انهم لعظم الغنى فى أعينهم تعجبوا من اصطفائه للرسالة وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ: قال الحافظ قدس سره

تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى ... در خود از گوهر جمشيد فريدون باشى

: وقال السعدي قدس سره

هنر بايد وفضل ودين ... كه گاه آيد وگه رود جاه ومال

قال فى التأويلات النجمية يشير الى انهم يتعجبون من ايحائنا الى محمد عليه السلام لانه كان رجلا منهم وفيه رأينا رجوليته قبل الوحى وتبليغ الرسالة من بينهم ولهذا السر ما اوحى الى امرأة بالنبوة قط انتهى. والرجولية هى صدق اللسان ودفع الأذى عن الجيران والمواساة مع الاخوان هذا فى الظاهر واما فى الحقيقة فالتنزه عن جميع ما سوى الله تعالى. وفى حديث المعراج (ان الله تعالى نظر الى قلوب الخلق فلم يجد اعشق من قلب محمد عليه السلام فلذا أكرمه بالرؤية) فالعبرة لحال الباطن لا لحال الظاهر واعلم ان حال الولاية كحال النبوة ولو رأيت اكثر اهل الولاية فى كل قرن وعصر لوجدتهم ممن لا يعرف بجاه ومن عجب من ذلك القى فى ورطة الإنكار وحجت بذلك الستر عن رؤية الأخيار أَنْ مفسرة للمفعول المقدر اى أوحينا اليه شيأ هو أَنْذِرِ النَّاسَ اى جميع الناس كافة لا ما أريد بالأول عمم الانذار لانه ينفع جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>