الابتداء لعدم سبق العلم بالتسمية بعد فحقها الاخبار بها لا جعلها عنوان الموضوع لتوقفه على علم المخاطب بالانتساب والاشارة إليها قبل جريان ذكرها لما انها باعتبار كونها على جناح الذكر وبصدده صارت فى حكم الحاضر كما يقال هذا من اشترى فلان انتهى يقول الفقير اعلم ان الحروف اجزاء الكلمات وهى اجزاء الجمل وهى اجزاء الآيات وهى اجزاء السور وهى اجزاء القرآن فالقرآن ينحل الى السور وهى الى الآيات وهى الى الجمل وهى الى الكلمات وهى الى الحروف وهى الى النقاط كما ان البحر يأول الى الأنهار والجداول وهى الى القطرات فاصل الكل نقطة واحدة وانما جاء الكثرة من انبساط تلك النقطة وتفصلها وقول اهل الظاهر فى الر وأمثاله تعديد على طريق التحدي لا يخلو عن ضعف إذ هذه الحروف المقطعة لها مدلولات صحيحة وهى زبدة علوم الصوفية المحققين وقد ثبت ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اوتى علوم الأولين والآخرين. فمن علوم آدم وإدريس عليهما السلام علم الحروف وانما ذمت الطائفة الحروفية لاخذهم بالاشارة ورفضهم العبارة وهتكهم حرمة الشريعة التي هى لباس الحقيقة كما ان اللفظ لباس المعنى والعبارة ظرف الاشارة والوجود مرآة الشهود وكل منهما منوط بالآخر والمنفرد بأحدهما خارج عن دائرة المعرفة الالهية فعلم هذه الحروف بلوازمها وحقائقها مفوض فى الحقيقة الى الله والرسول وكمل الورثة ومنهم من ذهب الى جانب التأويل وقال كل حرف من الحروف المقطعة مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود فى العربية كما قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الر انا الله ارى. وعنه انه من حروف الرحمن وذلك انه إذا جمعت الر وحم ون انتظم حروف الرحمن وقال فى التأويلات النجمية ان فى قوله الر إشارتين. اشارة من الحق للحق والى عبده المصطفى وحبيبه المجتبى. واشارة من الحق لنبيه واليه عليه السلام فالاولى قسم منه تعالى يقول بآلائى عليك فى الأزل وأنت فى العدم وبلطفي معك فى الوجود ورحمتى ورأفتى لك من الأزل الى الابد والثانية قسم منه يقول بانسك معى حين خلقت روحك أول شىء خلقته فلم يكن معنا ثالث وبلبيك الذي أجبتني به فى العدم حين دعوتك للخروج منه فخاطبتك وقلت ياسين اى يا سيد قلت لبيك وسعديك. والخير كله بيديك. وبرجوعك منك الى حين قلت لنفسك ارجعي الى ربك تِلْكَ محله الرفع على انه مبتدأ خبره ما بعده وعلى تقدير كون الر مبتدأ فهو مبتدأ ثان وهى اشارة الى ما تضمنته هذه السورة من الآيات آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ اى آيات القرآن المشتمل على الحكم على ان يكون الحكيم بناء النسبة بمعنى ذى الحكم وذلك لان الله تعالى أودع فيه الحكم كلها فلا رطب ولا يابس الا فى كتاب مبين- حكى- ان الامام محمدا رحمه الله غلب عليه الفقر مرة فجاء الى فقاعى يوما فقال ان أعطيتني شربة أعلمك مسألتين من الفقه فقال الفقاعى لا حاجة الى المسألة
فاتفق انه حلف ان لم يعط بنته جميع ما فى الدنيا من الجهاز فامرأته طالق ثلاثا فرجع الى العلماء فافتوا بحنثه لما انه لا يمكن ذلك فجاء الى الامام محمد فقال الامام لما طلبت منك شربة كان فى عزيمتى ان أعلمك هذه المسألة ومسألة اخرى فالآن لا أعلمها الا بعد أخذ الف دينار