الجمع والانس وايضا يقع الغبن لمن كان مشغولا بالجزاء والعطاء ورؤية الأعواض واما من كان مشغولا بمشاهدة الحق فقد خرج عن حد الغبن وايضا يقع الكل فى الغبن إذا عاينوا الحق بوصفه وهم وجدوه أعظم وأجل مما وجدوه فى مكاشفاتهم فى الدنيا فيكونون معبونين حيث لم يعرفوه حق معرفته ولم يعبدوه حق عبادته وان كانوا لا يعرفونه ابدا حق معرفته واى غبن أعظم من هذا إذ يرونه ولا يصلون الى حقيقة وجوده وقال ابن عطاء رحمه الله تغابن اهل الحق على مقادير الضياء عند الرؤية والتجلي وقال بعض الكبار يوم شهود الحق فى مقام الجمعية يوم غبن اهل الشهود والمعرفة على اهل الحجاب والغفلة فانهم فى نعيم القرب والجمع واهل الحجاب فى جحيم البعد والفراق وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ بالصدق والإخلاص بحسب نور استعداده وَيَعْمَلْ صالِحاً اى عملا صالحا بمقتضى إيمانه فان العمل انما يكون بقدر النظر وهو اى العمل الصالح ما يبتغى به وجه الله فرضا او نفلا (روى) ان ابراهيم بن أدهم رحمه الله أراد أن يدخل الحمام فطلب الحمامي الاجرة فتأوه وقال إذا لم يدخل أحد بيت الشيطان بلا أجرة فانى يدخل بيت الرحمن بلا عمل يُكَفِّرْ اى يغفر الله ويمح عَنْهُ سَيِّئاتِهِ يوم القيامة فلا يفضحه بها وَيُدْخِلْهُ بفضله وكرمه لا بالإيجاب جَنَّاتٍ على حسب درجات اعماله تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت قصورها او أشجارها الْأَنْهارُ الاربعة خالِدِينَ فِيها حال من الهاء فى يدخله وحد أولا حملا على لفظ من ثم جمع حملا على معناه أَبَداً نصب على الظرف وهو تأكيد للخلود ذلِكَ اى ما ذكر من تكفير السيئات وإدخال الجنات الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه لا نطوائه على النجاة من أعظم الهلكات والظفر بأجل الطيبات فيكون أعلى حالا من الفوز الكبير لانه يكون بجلب المنافع كما فى سورة البروج والفوز العظيم فى الحقيقة هو الانخلاع عن الوجود المجازى والتلبس بلباس الوجود الحقيقي وذلك موقوف على الايمان الحقيقي الذوقى والعمل الصالح المقارن بشهود العامل فان نور الشهود حينئذ يستر ظلمات وجوده الإضافي وينوره بنور الوجود الحقيقي ويدخله جنات الوصول والوصال التي تجرى من تحتها الأنهار مملوءة من ماء المعارف والحكم وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا تصريح بما علم التزاما والمراد بالآيات اما القرآن او المعجزات فان كلا منهما آية لصدق الرسول أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ اى أهلها اما بمعنى مصاحبوها خلودهم فيها او مالكوها تنزيلا لهم منزلة الملاك للتهكم حال كونهم خالِدِينَ فِيها اى ابدا بقرينة المقابلة وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى النار كأن هاتين الآيتين الكريمتين بيان لكيفية التغابن وانما قلنا كأن لان الواو يمانع الحمل على البيان كما عرف فى المعاني وفى الآية اشارة الى المحجوبين عن الله المحرومين من الايمان الحقيقي به بأن يكون ذلك بطريق الذوق والوجدان لا بطريق العلم والبرهان المكذبين آيات الله الظاهرة فى خواص عباده بحسب التجليات فانهم اصحاب نار الحجاب وجحيم الاحتجاب عل الدوام والاستمرار وبئس المصير هذه النار فعلى العاقل أن يجتهد حتى يكشف الله عمى قلبه وغشاوة بصيرته