للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى تدقها لم يقصدها جبار الا قصمه الله عز وجل. وما روى ان الحجاج حبس عبد الله بن الزبير رضى الله عنه فى المسجد الحرام وضرب المنجنيق على ابى قبيس ورمى به داخل المسجد وقتل عبد الله فليس ذلك إضرارا بالبيت وقصدا بالسوء لان مقصود الحجاج كان أخذ عبد الله- روى- انه صلى الله عليه وسلم سئل عن أول بيت وضع للناس فقال (المسجد الحرام ثم بيت المقدس) وسئل كم بينهما فقال (أربعون سنة) - روى- ان الله وضع تحت العرش بيتا وهو البيت المعمور وامر الملائكة ان يطوفوا به ثم امر الملائكة الذين هم سكان الأرض ان يبنوا فى الأرض بيتا على مثاله فبنوا وامر من فى الأرض ان يطوفوا به كما يطوف اهل السماء بالبيت المعمور- وروى- ان الملائكة بنوه قبل خلق آدم بألفي عام فلما اهبط آدم الى الأرض قالت له الملائكة طف حول هذا البيت فلقد طفنا حوله قبلك بألفي عام فطاف به آدم ومن بعده الى زمن نوح عليه السلام فلما أراد الله الطوفان حمل الى السماء الرابعة وهو البيت المعمور بحيال الكعبة يطوف به ملائكة السموات. وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه أول بيت بناه آدم فى الأرض فنسبة بناء الكعبة الى ابراهيم على هذه الروايات ليس لانه عليه السلام بناها ابتداء بل لرفعه قواعدها وإظهاره ما درس منها فان موضع الكعبة اندرس بعد الطوفان وبقي مختفيا الى ان بعث الله جبريل الى ابراهيم عليه السلام ودله على مكان البيت وامره بعمارته ولما كان الآمر بالبناء هو الله والمبلغ والمهندس هو جبريل عليه السلام والباني هو الخليل والتلميذ المعين له إسماعيل عليهما السلام. قيل ليس فى العالم بناء اشرف من الكعبة مُبارَكاً حال من المستكن فى الظرف لان التقدير للذى ببكة هو اى كثير الخير والنفع لما يحصل لمن حجه واعتمره واعتكف به وطاف حوله من الثواب وتكفير الذنوب وَهُدىً لِلْعالَمِينَ لانه قبلتهم ومتعبدهم ولان فيه آيات عجيبة دالة على عظيم قدرته وبالغ حكمته كما قال فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ واضحات كانحراف الطيور عن موازاة البيت على مدى الاعصار ومخالطة ضوارى السباع الطيور فى الحرم من غير تعرض لها وقهر الله تعالى لكل جبار قصده بسوء كاصحاب الفيل مَقامُ إِبْراهِيمَ اثر قدميه عليه السلام فى الصخرة التي كان عليه السلام يقوم عليها وقت رفع الحجارة لبناء الكعبة عند ارتفاعه او عند غسل رأسه على ما روى انه عليه السلام جاء زائرا من الشام الى مكة فقالت له امرأة إسماعيل عليه السلام انزل حتى اغسل رأسك فلم ينزل فجاءته بهذا الحجر فوضعته على شقه الايمن فوضع قدمه عليه حتى غسلت شقى رأسه ثم حولته الى شقه الأيسر حتى غسلت الشق الآخر فبقى اثر قدميه عليه وهو بدل من آيات بدل البعض من الكل وَمَنْ دَخَلَهُ اى حرم البيت كانَ آمِناً من التعرض له وذلك بدعوة ابراهيم عليه السلام رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وكان الرجل لوجر كل جريرة ثم لجأ الى الحرم لم يطلب ولذلك قال ابو حنيفة رحمه الله من لزمه القتل فى الحل بقصاص أو ردة او زنى فالتجأ الى الحرم لم يتعرض له الا انه لا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع حتى يضطر الى الخروج وهذا فى حق من جنى فى الحل ثم التجأ الى الحرم واما إذا أصاب الحد فى الحرم فيقام عليه فيه فمن سرق فيه قطع ومن قتل فيه قتل قال تعالى وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ أباح لهم القتل عند المسجد الحرام إذا قاتلونا فعلى ذلك يقام

<<  <  ج: ص:  >  >>