للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقاربكم حَتَّى يُهاجِرُوا ولما بين تعالى ان منكم المؤمن الذي لم يهاجر انقطاع الولاية بينه وبين المؤمنين وتوهم انه يجب ان يتحقق بينهم التقاطع التام لتحققه بينه وبين الكفار أزال هذا الوهم بقوله وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ اى ان طلب منكم المؤمنون الذين لم يهاجروا النصرة فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ اى فوجب عليكم نصرهم على من يعاديهم فى الدين إِلَّا عَلى قَوْمٍ منهم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ اى الا إذا كان من يعاديهم ويحاربهم من الكفار بينهم وبينكم عهد موثق فحينئذ يجب عليكم الوفاء بالعهد وترك المحاربة معهم ولا يلزمكم نصر الذين آمنوا ولم يهاجروا عليهم بل الإصلاح بينهم على وجه غير القتال وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فلا تخالفوا امره كيلا يحل بكم عقابه وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ آخر فى الميراث منطوق الآية اثبات الموالاة بين الكفار والكفار ليسوا بمخاطبين بفروع الايمان فالمراد منه بطريق المفهوم المخالف نهى المسلمين عن موالاتهم وموارثتهم وإيجاب المباعدة بينهم ان وجد بينهم قرابة نسبية لان الموالاة بين الكفار مبنية على التناسب فى الكفر كما انها بين المؤمنين مبنية على التناسب فى الايمان فكما لا مناسبة بين الكفر والايمان من حيث ان الاول ظلمة والثاني نور فكذا لا مناسبة بين أهلهما فان الكافر عدو الله والمؤمن ولى الله فوجب التقاطع وازالة الوصلة من غير الجنس: قال الحافظ

نخست موعظه پير صحبت اين پندست ... كه از مصاحب نا جنس احتراز كنيد

إِلَّا اى ان لا إِلَّا تَفْعَلُوهُ اى ما أمرتم به من التواصل بينكم وتولى بعضكم بعضا حتى فى التوارث ومن قطع العلائق بينكم وبين الكفار تَكُنْ تامة فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ اى تحصل فتنة عظيمة فيها وهى ضعف الايمان وظهور الكفر وَفَسادٌ كَبِيرٌ فى الدارين وفيه اشارة الى مساعدة طالب النصرة بأى وجه كان فان تركها يؤدى الى الخسران وارتفاع الامان وفى الحديث (انصر أخاك ظالما او مظلوما) ونصرة الظالم بنهيه عن الظلم وفى فتاوى ضيخان إذا وقع النفير من قبل الروم فعلى كل من يقدر على القتال ان يخرج الى الغزو إذا ملك الزاد والراحلة ولا يجوز له التخلف الا بعذر بين انتهى. وكما انه لا كلام فى فضيلة الاعانة والامداد كذلك لا كلام فى الهجرة الى ما يقوم به دين المرء من البلاد- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش مع عدم قدرته على إنقاذهم مما هم فيه قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين تذهب قال (هاهنا) وأشار بيده الى جهة الحبشة وفى رواية قال لهم (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) يقول الفقير أصلحه الله القدير سمعت من حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة انه قال لو كان لى مال لهاجرت من قسطنطينية الى ارض الهند لانه لا فائدة فى الاقامة مع سلطان لا غيرة له أصلا من جهة الدين ثم ذكر تورع سلطان الهند وهذا الكلام مطابق للشريعة والطريقة. وقد قال بعض الكبار ان الأولياء لا يقيمون فى بلاد الظلم وجاء فى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليهما الصلاة والسلام)

<<  <  ج: ص:  >  >>