فينبغى تلقى التجليات الواردة من قبل الحق بهيئة المحل كما ان النبي عليه السلام كشف رأسه وهيأ محل نزول المطر وذلك لان المطر ينزل من العلو فيلقى على أعلى شيء في الإنسان وهو الرأس أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ الإيراء آتش از آتش زنه بيرون كردن اى تقدحونها وتستخرجونها من الزناد والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر ويسمون الأعلى الزند والأسفل الزندة شبهوهما بالفحل والطروقة يقال ناقة طروقة اى بلغت أن يضربها الفحل لان الطرق الضرب أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي منها الزناد وهى المرخ والعفار كما مر في صورة يس أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ لها بقدرتنا نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً استئناف مبين لمنافعها اى جعلنا نار الزناد تذكير النار جهنم من حيث عقلنا بها اسباب المعاش لينظروا إليها ويذكروا ما أوعدوا به من نار جهنم او تذكرة وموعظة وأنموذجا من جهنم لما روى عن النبي عليه السلام (ناركم هذه التي يوقدها بنوا آدم جزؤ من سبعين جزأ من حر جهنم) وقيل تبصرة في امر البعث فانه ليس أبدع من إخراج النار من الشيء الرطب وفي عين المعاني وهو حجة على منكرى عذاب القبر حيث تضمن النار مالا يحرق ظاهره وَمَتاعاً ومنفعة وبلغة لان حمل النار يشق لِلْمُقْوِينَ للذين ينزلون القواء بالفتح وهو القفر الخالي عن الماء والكلاء والعمارة وهم المسافرون وتخصيصهم بذلك لانهم أحوج إليها ليهرب منها السباع ويسطلوا من البرد ويجففوا ثيابهم ويصلحوا طعامهم فان المقيمين او النازلين بقرب منهم ليسوا بمضطرين الى الاقتداح بالزناد وتأخير هذه المنفعة للتنبيه على ان الأهم هو النفع الأخروي يقال أقوى الرجل إذا نزل في الأرض القواء كأصحر إذا دخل فى الصحراء وفي الحديث (قال النبي عليه السلام لجبريل مالى أر ميكائيل ضاحكا قط قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار) وعن انس رضى الله عنه يرفعه ان أدنى اهل النار عذابا الذي يجعل له نعلان يغلى منهما دماغه في رأسه وفيه بيان شدة نار جهنم وانها ليست كنار الدنيا وقانا الله وإياكم منها وفي الآية اشارة الى نار المحبة المشتعلة الموقدة بمقدح الطلب فى حراقة قلب المحب الصادق في سلوك طريق الحق وشجرتها هى العناية الالهية السر مدية يدل هذا التأويل قول العارف أبى الحسين المنصور قدس سره حين سئل عن حقيقة المحبة هى العناية الالهية السر مدية لولاها ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان نحن جعلناها تذكرة لأرباب النفوس البشرية ليهتدوا بنورها الى سلوك طريق الحق ومتاعا للمقوين اى غذآء لأرواح المحبين الطاوين أياما وليالى عن الطعام والشراب كما حكى عن سهل التستري رحمه الله انه كان يطوى ثلاثين يوما وعن أبى عقيل المغربي قدس سره انه ما أكل سنتين وهو مجاور بمكة وعن كثير من المرتاضين السالكين وانما رفع إدريس عليه السلام الى السماء الرابعة لمبالغته في التجريد والترويح حتى ان الروحانية غلبت عليه فخلع يدنه وخالط الملائكة واتصل بروحانية الا فلاك وترقى الى عالم القدس وقد اقامه ستة عشر عاما لم ينم ولم يطعم شيأ ولم يتزوج قط لزوال الشهوة بالكلية حتى صار عقلا مجردا من كثرة الرياضة ورفع الى أعلا الامكنة وهو المكان الذي يدور عليه رحى عالم الافلاك وهو فلك الشمس ثم