للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو متعلق بمحذوف وقع حالا من قوله شَهِيقاً لانه فى الأصل صفة فلما قدمت صارت حالا اى سمعوا كائنا لها شهيقا اى صوتا كصوت الحمير الذي هو أنكر الأصوات وأفظعها غضبا عليهم وهو حسيسها المنكر الفظيع كما قال تعالى لا يسمعون حسيسها قالوا الشهيق فى الصدر والزفير فى الحلق او شهيق الحمار آخر صوته والزفير اوله والشهيق رد النفس والزفير إخراجه وَهِيَ تَفُورُ اى والحال انها تغلى بهم عليان المرجل بما فيها من شدة التلهب والتسعر فهم لا يزالون صاعدين هابطين كالحب إذا كان الماء يغلى به لاقرار لهم أصلا الفور شدة الغليان ويقال ذلك فى النار وفى القدر وفى الغضب وفوارات الماء سميت تشبيها بغليان القدر وفعلت كذا من فورى اى من غليان الحال وفارة المسك تشبيها به فى الهيئة كما فى المفردات قال بعضهم نطقت الآية بأن سماعهم يكون وقت الإلقاء على ما هو المفهوم من إذا وعلى المفهوم من قوله وهى تفوران يكون بعده اللهم الا أن تغلى بما فيها كائنا ما كان ويؤول إذا ألقوا بإذا أريد الإلقاء او إذا قربوا من الإلقاء بناء على ان صوت الشهيق يقتضى أن يسمع قبل الإلقاء انتهى تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ الجملة خبر آخر وتميز أصله تتميز يتاءين والتميز الانقطاع والانفصال بين المتشابهات والغيظ أشد الغضب يقال يكاد فلان ينشق من غيظه إذا وصف بالإفراط فى الغضب والمعنى تكاد تتفرق جهنم من شدة الغضب عليهم اى يقرب أن يتمزق تركيبها. وينفصل بعضه من بعض وبالفارسية نزديكست كه پاره پاره شود دوزخ از شدت خشم بر كافران. شبه اشتعال النار بهم فى قوة تأثيرها فيهم وإيصال الضرر إليهم باعتياظ المغتاظ على غيره المبالغ فى إيصال الضرر اليه فاستعير اسم الغيظ لذلك الاستعمال استعارة تصريحية قال الامام لعل سبب هذا المجاز ان دم القلب يغلى عند الغضب فيعظم مقداره فيزداد امتلاء العروق حتى يكاد يتمزق قال فى المناسبات وكان حذف احدى التاءين اشارة الى انه يحصل افتراق واتصال على وجه من السرعة لا يكاد يدرك حق الإدراك وذلك كله لغضب سيدها وتأتى يوم القيامة تقاد الى المحشر بألف زمام لكل زمام سبعون ألف ملك يقود ونها به وهى من شدة الغيظ تقوى على الملائكة وتحمل على الناس فتقطع الأزمة جميعا وتحطم اهل المحشر وتقول لأنتقمن اليوم ممن أكل رزق الله وعبد غيره فلا يردها عنهم الا النبي صلى الله عليه وسلم يقابلها بنوره فترجع مع ان لكل ملك من القوة ما لو أمر به أن يقتلع الأرض وما عليها من الجبال ويصعد بها فعل من غير كلفة وهذا كما أطفأها فى الدنيا بنفحة كما قال عليه السلام لقد أدنيت منى النار حتى جعلت انفثها خشية أن تغشاكم قال بعضهم تلك المهواة لشدة منافاتها بالطبع لعالم النور واصل فطرة النفس ليشتد غيظها على النفوس كما ان شدة منافرة الطباع بعضها بعضا تستلزم شدة العداوة والبغض المقتضية لشدة الغيظ. يقول الفقير تقرر من هذا البيان ودل سائر الآثار الصحيحة ايضا ان جهنم لها حياة وشعور كسائر الاحياء ولذا يصدر منها كما يصدر منهم فلا حاجة الى ارتكاب المجاز عند اهل الله تعالى فى أمثال ذلك قال جعفر الطيار رضى الله عنه كنت مع النبي عليه السلام فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>