فى المدر لكثرة الغار لان الغبار كلما علا على زيتونها زاد دسمه ونضجه ورماد ورقها ينفع العين كحلا ويقوم مقام التوتيا وفى الحديث عليكم بالزيت فانه يكشف المرة ويذهب البلغم ويشد العصب ويمنع الغشي ويحسن الخلق ويطيب النفس ويذهب الهم قال الامام ان التين فى النوم رجل خير غنى فمن ناله فى المنام نال مالا وسعة ومن أكله رزقه الله أولادا ومن أخذ ورق الزيتون فى المنام استمسك بالعروة الوثقى وقال مريض لابن سيرين رأيت فى المنام كأنه قيل لى كل اللاءين تشفى فقال كل الزيتون فانه لا شرقية ولا غربية وقال الطبري المراد بالتين الجبل الذي عليه دمشق يعنى جبل الصالحية ويسمى جبل قاسيون والزيتون وهو طور زيتا الجبل الذي يلى بيت المقدس من جهة المشرق وذلك أن التين ينبت كثيرا بدمشق والزيتون بايليا وَطُورِ سِينِينَ هو الجبل الذي ناجى عليه موسى عليه السلام ربه قال الماوردي ليس كل جبل يقال له طور الا ان يكون فيه الأشجار والثمار والا فهو جبل فقط وسينين وسيناء علمان للموضع الذي هو فيه ولذلك أضيف إليهما ومعنى سينين بالسريانية ذو الشجر او حسن مبارك بلغة الحبشة وفى كشف الاسرار اصل سينين سيناء بفتح السين وكسرها وانما قال هاهنا سينين لأن تاج الآيات النون كما قال فى سورة الصافات سلام على الياسين وهو الياس فخرج على تاج آيات السورة وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ اى الآمن يقال أمن الرجل بضم الميم امانة فهو أمين وهو مكة شرفها الله تعالى وامانتها أنها تحفظ من دخلها جاهلية وإسلاما من قتل وسبى كما يحفظ الامين ما يؤتمن عليه ويجوز ان يكون فعيلا بمعنى مفعول بمعنى المأمون فيه على الحذف والإيصال من امنه لأنه مأمون الغوائل والعاهات كما وصف بالأمن فى قوله تعالى حرما آمنا بمعنى ذى أمن وفى الحديث من مات فى أحد الحرمين بعث يوم القيامة آمنا ومعنى القسم بهذه الأشياء الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والصالحين فمنبت التين والزيتون مهاجر ابراهيم ومولد عيسى ومنشأهما عليهما السلام والطور المكان الذي نودى فيه موسى عليه السلام ومكة مكان البيت الذي هو هدى للعالمين ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه. ودر بحر الحقائق آورده كى بزبان اشارت قسم است بشجره تينيه قلبيه كه مثمر ثمره علوم دينيه است وشجره زيتونه مباركه سريه كه روشنى بخش مصباح دلست وطور سينين روح معلى كه بتجلئ الهى مجلى است وبلد أمين خفى كه محل أمن وامانست از هجوم آفات تعلقات أكوان.
يقول الفقير أشار بالتين الى علوم الحقيقة التي محلها السر الإنساني لأنها لذة صرفة ولذا قدمت لأنها المطلب الأعلى لتعلقها بذات الله وصفاته وأفعاله وكما أن عمر شجرة التين قصير بالنسبة الى الزيتون فكذا عمر اهل الحقيقة غالبا إذ لا معنى للبقاء فى الدار الفانية بعد حصول المقصود الذي هو الحياة الباقية الا أن يكون لارشاد الناس وأشار بالزيتون الى علوم الشريعة التي محلها النفس الانسانية فهى ليست بنعيم محض لأنه لا بد فى الشريعة من اتعاب النفس والقالب وأشار بطور سينين الى الروح الذي هو محل المعارف الالهية ومقام المناجاة وأشار بالبلد الامين الى مكة الوجود المشتملة على بيت القلب فانه أمن أهلها من اختطاف