إلقاء الشيطان من باب الامتحان والتعليل الآتي يرفع النقاب ويهدى المتردد الى طريق الصواب وهو قوله لِيَجْعَلَ اى مكنه الله من الإلقاء فى قراءة النبي عليه السلام خاصة ليجعل ان تمكينه تعالى إياه من الإلقاء فى حق سائر الأنبياء لا يمكن تعليله بما سيأتى فأول الآية عام وآخرها خاص ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً [آزمايشى وابتلايى] لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى شك ونفاق لانه مرض قلبى مؤد الى الهلاك الروحاني كما ان المرض القلبي مؤد الى الهلاك الجسماني وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ اى المشركين والقسوة غلظ القلب وأصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك قال الكاشفى [مرد آنست كه منافق ومشرك از القاى شيطان در شك وخلاف افتند] وَإِنَّ الظَّالِمِينَ اى المنافقين والمشركين وضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم لَفِي شِقاقٍ خلاف بَعِيدٍ عن الحق اى لفى عداوة شديدة ومخالفة تامة ووصف الشقاق بالبعد مع ان الموصوف به حقيقة هو معروضه للمبالغة وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ اى القرآن وفى التفسير الجلالين ان الذي احكم الله من آيات القرآن الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ اى هو الحق النازل من عنده ليس للشيطان مجال تصرف فيه من حق الأمر إذا ثبت ووجب فَيُؤْمِنُوا بِهِ القرآن اى يثبتوا على الايمان به او يزدادوا ايمانا برد ما يلقى الشيطان وهو عطف على قوله ليعلم فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ تخشع وتتواضع وقد مر بيان الإخبات فى هذه السورة قال الكاشفى [پس نرم شود براى قرآن دلهاى ايشان واحكام آنرا قبول كنند] وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا اى فى الأمور الدينية خصوصا فى المداحض والمشكلات التي من جملتها ما ذكر إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو النظر الصحيح الموصل الى الحق الصريح وفى التأويلات النجمية ان الله ليبتلى المؤمن المخلص بفتنة وبلاء ويرزقه حسن بصيرة يميز بها بين الحق والباطل فلا يظله غمام الريب وينجلى عنه غطاء الغفلة فلا يؤثر فيه دخان الفتنة والبلاء كما لا تأثير للضباب الغداة فى شعاع الشمس عند متوع النهار اى ارتفاعه وان الهداية من الله ومن تأييده لا من الإنسان وطبعه وان من وكله الله الى نفسه وخذله بطبعه لا يزول عنه الشك والكفر والضلالة الى الابد ولو عالجه الصالحون: قال المولى الجامى
فعلى العاقل ان يستسلم لامر القرآن المبين ويجتهد فى إصلاح النفس الامارة الى ان يأتى اليقين فان النفس سحارة ومكارة ومحتالة وغدارة: قال الشيخ المغربي
ملك بود كه افتاد در چهـ بابل ... چهـ سحرهاست درين قعر جاه بابل ما
وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى فى شك وجدال من القرآن قال الراغب المرية التردد فى الأمر وهى أخص من الشك حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ القيامة وقد سبق وجه