ليس يعلم ويستر حتى يتوهم الغافل انه ليس يبصر قال الامام الغزالي رحمه الله الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظه ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش كما قال الله تعالى ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة (حكى) ان ابراهيم عليه السلام لما رأى ملكوت السموات والأرض رأى عاصيا فى معصيته فقال اللهم أهلكه فأهلكه الله ثم رأى آخر فدعا عليه فأهلكه الله ثم رأى آخر فدعا عليه فأهلكه الله ثم رأى رابعا فدعا عليه فأوحى الله اليه ان قف يا ابراهيم فلو أهلكنا كل عاص رأيناه لم يبق أحد من الخلق ولكنا بحلمنا لا نعذبهم بل نمهلهم فاما أن يتوبوا واما أن يصروا فلا يفوتنا شىء قيل الحلم حجاب الآفات وقيل الحلم ملح الأخلاق. وشتم الشعبي رجل فقال ان كنت كاذبا غفر الله لك وان كنت صادقا غفر الله لى وكان الأحنف يضرب به المثل فى الحلم وهو يقول انى صبور ولست بحليم والفرق بين الحليم والصبور ان المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح والتخلق بالاسم الحليم انما هو بأن يصفح عن جنايات الناس ويسامح لهم فيما يعاملونه به من السيئات بل يجازيهم بالإحسان تحقيقا للحلم والغفران وفى الأربعين الادريسية يا حليم ذا الأناة فلا يعادله شىء من خلقه قال السهروردي رحمه الله من ذكره كان مقبول القول وافر الحرمة قوى الجاش بحيث لا يقدر عليه سبع ولا غيره والأناة على وزن القناة هو التثبت والوقار عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ خبر بعد خبر أي لا يخفى عليه خافية (وقال الكاشفى) ميداند آنچهـ ظاهر ميكنند از تصدق وآنچهـ پنهان ميدارند در دلها از ريا واخلاص.
وقد سبق الكلام عليه فى اواخر سورة الحشر ولعل تقديم الغيب لان عالم الغيب أعم والعلم به أتم الْعَزِيزُ والْحَكِيمُ البالغ فى القدرة والحكمة (وقال الكاشفى) غالبست انتقام تواند كشيد از كسى كه صدقه او خالص نبود حكم كننده بكرامت آنها را كه از روى صدق تصدق نمايند. والحكم سابق فالعبرة به لا بالصورة ولذا رد بلعم بن باعور وقبل كلب اصحاب الكهف قال ابو على الدقاق قدس سره لما صرفوا ذلك الكلب ولم ينصرف أنطقه الله تعالى فقال لم تصرفوننى ان كان لكم ارادة فلى ايضا ارادة وان كان خلقكم فقد خلقنى ايضا فازدادوا بكلامه يقينا ولما سمعوا كلامه اتفقوا على استصحابه معهم الا انهم قالوا يستدل علينا بآثار قدمه فالحيلة أن تحمله بالحيلة فحمله الأولياء على أعناقهم وهم يمشون لما أدركه من العناية الازلية وكذا لم يكن فى الملائكة اكبر قدرا ولا أجل خطرا من إبليس الا ان الحكم الأزلي بشقاوته كان خفيا عن العباد فلما ظهر فيه الحكم الأزلي لعنه من عرفه ومن لم يعرفه
كليد قدر نيست در دست كس ... تواناى مطلق خدايست وبس
ز زنبور كرد اين حلاوت پديد ... همانكس كه در مار زهر آفريد
خدايا بغفلت شكستيم عهد ... چهـ زور آورد با قضا دست جهد