للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاحد من الأنبياء قبله ولا بعده وكل معجزة ظهرت منه كما انها نعمة فى حقه فكذلك هى نعمة فى حق امه لانها تدل على براءة ساحتها مما نسبوها اليه واتهموها به وحمل مريم ما كان من الرجال كسائر النساء وانما كان بروح منه كما قال تعالى وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا فهذه نعمة خاصة بمريم وكذلك ولادة عيسى وخلقته ما كانت من نطف الرجال وانما كانت كلمته ألقاها الى مريم وروح منه فهذه نعمة خاصة بعيسى. والكهل من الرجال الذي جاوز الثلاثين ووخطه الشيب اى خالطه وقيل المراد بتكلمه كهلا ان يكلم الناس بعد ان ينزل من السماء فى آخر الزمان بناء على انه رفع قبل ان اكهل فيكون قوله تعالى وَكَهْلًا دليلا على نزوله- وروى- ان الله تعالى أرسله وهو ابن ثلاثين سنة فمكث فى رسالته ثلاثين شهرا ثم رفعه الله تعالى اليه وينزل على هذا السن ثم يكهل وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ اى اذكر نعمتى عليكما

وقت تعليمى لك جنس الكتب المنزلة وخص الكتابان بالذكر مع دخولهما فى الجنس إظهارا لشرفهما والمراد بالحكمة العلم والفهم لمعانى الكتب المنزلة واسرارها وقيل هى استكمال النفس بالعلم بها وبالعمل بمقتضاها وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ اى تصور منه هيئة مماثلة لهيئة الطير بِإِذْنِي ان بتسهيلى وتيسيرى فَتَنْفُخُ فِيها اى فى الهيئة المصورة فَتَكُونُ اى تلك الهيئة طَيْراً بِإِذْنِي فالخلق حقيقة لله تعالى ظاهر على يده عليه السلام عند مباشرة الأسباب كما ان النفخ فى مريم كان من جبريل والخلق من الله تعالى سألوا منه عليه السلام على وجه التعنت فقالوا له اخلق لنا خفاشا واجعل فيه روحا ان كنت صادقا فى مقالتك فاخذ طينا وجعل منه خفاشا ثم نفخ فيه فاذا هو يطير بين السماء والأرض وانما طلبوا منه خلق خفاش لانه اعجب من سائر الخلق ومن عجائبه انه لحم ودم يطير بغير ريش ويلد كما يلد الحيوان ولا يبيض كما يبيض سائر الطيور وله ضرع يخرج منه اللبن ولا يبصر فى ضوء النهار ولا فى ظلمة الليل وانما يرى فى ساعتين بعد غروب الشمس ساعة وبعد طلوع الفجر ساعة قبل ان يسفر جدا ويضحك كما يضحك الإنسان ويحيض كما تحيض المرأة فلما رأوا ذلك منه ضحكوا وقالوا هذا سحر وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي الأكمه الذي ولد أعمى والأبرص هو الذي به برص اى بياض فى الجلد ولو كان بحيث إذا غرز بابرة لا يخرج منه الدم لا يقبل العلاج ولذا خصا بالذكر وكلاهما مما أعيى الأطباء:

وفى المثنوى

صومعهء عيسى است خوان اهل دل ... هان وهان اى مبتلا اين در مهل «١»

جمع كشتندى ز هر أطراف خلق ... از ضرير وشل ولنگ واهل دلق

او چوفارغ گشتى از أوراد خويش ... چاكشتكه بيرون شدى آن خوب كيش

پس دعا كردى وگفتى از خدا ... حاجت ومقصود جمله شد روا

خوش روان وشادمانه سوى خان ... از دعاى او شدندى پاروان

آزمودى تو بسى آفات خويش ... يافتى صحت ازين شاهان كيش


(١) در أوائل دفتر سوم در بيان جمع آمدن اهل آفت هر صباحى بر در صومعهء عيسى عليه السلام إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>