كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردد ... با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد
واما قول المولوى قدس سره فى المثنوى
كر تو سنك خاره ومرمر شوى ... چون بصاحب دل رسى كوهر شوى
فاشارة الى المستبعد بحكم الأصل فان التربية تنفع فيه فجميع المعجزات من الأنبياء والكرامات من الأولياء علمية كانت او كونية تربية لمن فى زمانهم فمن حسن استعداده مال واهتدى ومن فسد اعرض وضل وترى كثيرا من المغرورين المشغولين باحكام طبائعهم الخبيثة ونفوسهم المتمردة يقولون كالطلبة لو انا صادفنا المرشد الكامل ورأينا منه العلامة واضحة لكنا أول من يسلك بطريقتهم ويتمسك بأذيال حقيقتهم فقل لهم ان الشمس شمس وان لم يرها الضرير والعسل عسل وان لم يجد طعمه الممرور والطالب المستعد لا يقع فى الامنية ولا يضيع نقد عمره بخسارة بل يجتهد كل حين بما أمكن له من الطاعات ويكون فى طريق الطلب فان ما لا يدرك كله لا يترك قله: قال فى المثنوى
كر كران وكر شتابنده بود ... عاقبت جوينده يابنده بود
ثم هذا الاستعداد وانشرح الصدر فى طريق الحق نور من الله تعالى يقذفه فى قلب أي عبد شاء وليس بحداثة السن ولا بالشيخوخة وكم رأيت وسمعت من غلبه الحال فى عنفوان عمره وعنوان امره وعن بعض الصالحين قال حججت سنة من السنين وكانت سنة كثيرة الحر والسموم فلما كان ذات يوم وقد توسطنا ارض الحجاز انقطعت عن الحاج وغفلت قليلا فلم أشعر ليلا الا وانا وحدي فى البرية فلاح لى شخص امامى فاسرعت اليه ولحقته وإذا به غلام امرد لا نبات بعارضيه كأنه القمر المنير والشمس الضاحية وعليه اثر الدلال والترف فقلت له السلام عليك يا غلام فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا ابراهيم فعجبت منه كل العجب ورابنى امره فلم أتمالك ان قلت له يا غلام سبحان الله من اين تعرفنى ولم ترنى قبلها فقال لى يا ابراهيم ما جهلت مذ عرفت ولا قطعت مذ وصلت فقلت ما الذي اوقعك فى هذه البرية فى مثل هذه السنة الكثيرة الحر والقيظ فاجابنى يا ابراهيم ما آنس بسواه ولا رافقت غيره وانا منقطع اليه بالكلية مقر له بالعبودية فقلت له من اين المأكول والمشروب فقال لى تكفل به المحبوب فقلت والله انى خائف عليك لاجل ما ذكرت لك فاجابنى ودموعه تتحدر على خديه كاللؤلؤ الرطب
فلو أجوع فذكر الله يشبعنى ... ولا أكون بحمد الله عطشانا
وان ضعفت فوجد منه يحملنى ... من الحجاز الى أقصى خراسانا
فقلت له بالله عليك يا غلام ألا ما أعلمتني حقيقة عمرك فقال اثنتا عشرة سنة ثم رجوته فدعا لى باللحوق الى أصحابي فلما وقفنا بعرفة ودخلنا الحرم إذا انا بالغلام وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يبكى ويناجى ثم وقع ساجدا ومات الى رحمة الله تعالى ثم رأيته فى المنام فقلت ما الذي فعل بك إلهك فقال أوقفني بين يديه وقال لى ما بغيتك فقلت الهى وسيدى أنت بغيتي فقال لى