المتطهرين ويدنيهم من جنابه ادناء المحب حبيبه- روى- ان هذه الآية لما نزلت مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قبا فاذا الأنصار جلوس فقال (أمؤمنون أنتم) فسكت القوم ثم أعادها فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله انهم لمؤمنون وانا معهم فقال عليه السلام (أترضون بالقضاء) قالوا نعم قال (أتصبرون على البلاء) قالوا نعم قال (أتشكرون فى الرخاء) قالوا نعم قال عليه السلام (مؤمنون ورب الكعبة) فجلس ثم قال (يا معشر الأنصار ان الله قد اثنى عليكم فما الذي تصنعون عند الوضوء وعند الغائط) فقالوا نتبع الغائط الأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء فتلا فيه رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وفى كلام بعضهم أول من استنجى بالماء ابراهيم عليه السلام والاستنجاء مسح موضع النجو اى ما خرج من البطن وهو فى الأصل أعم منه ومن غسله كما فى المغرب فيطهر موضع النجو بثلاثة امداد
فان لم يجد فبالاحجار فان لم يجد فكفه ولا يستنجى بما سوى الثلاثة لانه يورث الفقر والمقصود التنقية فلو حصل بالواحد كفاه ولم يحصل بالثلاثة زاد ولا يستنجى من النوم والريح فانه بدعة وليس على المستحاضة استنجاء لكل صلاة بلا بول وغائط كما فى النوازل واستعمال المنشفة ادب وذلك قبل ان يقوم وبعد الغسل ليزول اثر الماء المستعمل بالكلية وكان الأنصار يتبعون الماء اثر البول ايضا وعن بعضهم ان المراد التطهر من الجنابة فلا ينامون عليها وفى الحديث (ثلاثة لا تقربهم الملائكة) المراد بالملائكة هنا هم الذين ينزلون بالرحمة والبركة دون الحفظة فانهم لا يفارقونه على أي حال من الأحوال وقال بعض العلماء المراد بالملائكة غير الحفظة وغير ملائكة الموت وقيل أراد لا تحضره الملائكة بخير (جيفة الكافر) المراد بها ذاته حيا وميتا لان الكافر نجس بعيد من الرحمة فى الحياة وبعد الموت (والمتضمخ) بالضاد والخاء المعجمتين اى المتلطخ المتدهن بالخلوق بفتح الخاء المعجمة طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من انواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة وقال ابو عبيدة عند العرب هو الزعفران وحده ووجه النهى عن الخلوق لما فيه من الرعونة والتشبه بالنساء والنهى عن الخلوق مختص بالرجال دون النساء كما فى المفاتيح (والجنب) الجنابة لغة البعد وسمى الإنسان جنبا لانه نهى ان يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر وقيل لمجانبته الناس حتى يغتسل (الا ان يتوضأ) وهذا فى حق كل من اخر الغسل لغير عذر او لعذر إذا امكنه الوضوء فلم يتوضأ وقيل لم يرد بالجنب من أصابته جنابة فاخر الاغتسال ولكنه الجنب الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ويطوف على نسائه بغسل واحد وفى الشرعة وينام بعد الوطء نومة خفيفة فانه أروح للنفس لكن السنة فيه ان يتوضأ اولا وضوءه للصلاة ثم ينام كما فى شرح ابن السيد على قال فى فتح القريب المراد بالوضوء الشرعي بلا خلاف وفى رواية شعبة (اغسل ذكرك ثم نوضأ وارقد) هذا هو الصحيح يعنى الأمر بغسل الذكر ثم الوضوء ومن نام ولم يتوضأ فليستغفر الله تعالى ولو أراد العود اى من غير نوم فليتوضأ اى ليتنظف بغسل الذكر واليدين فليس المراد بالوضوء الشرعي المشهور كما ذهب اليه المالكية كما فى شرح المشارق. والوضوء يطلق على غسل اليدين كما فى قوله عليه السلام (الوضوء قبل الطعام ينفى