عند الرحمن ألا ترى ان العنين لا يمدح على ترك الجماع: وفى المثنوى
هين مكن خود را خصى رهبان مشو ... زانكه عفت هست شهوترا كرو
بي هوا نهى از هوا ممكن نبود ... هم غزابا مرد كان نتوان نمود
قال الشافعي اربعة لا يعبا الله بهم يوم القيامة زهد خصى وتقوى جندى وامانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة- وروى- فى الخبر انه ليس من نبى الا وقد اخطأ وهم بخطيئة غير يحيى بن زكريا ولكنهم كانوا معصومين من الفواحش. فمن نسب الى الأنبياء الفواحش كالعزم على الزنى ونحوه الذي يقوله الحشوية فى يوسف كفر لانه شتم لهم كذا فى القنية قال بعض ارباب الأحوال كنت بمجلس بعض القصاص فقال ما سلم أحد من هوى ولا فلان وسمى من لا يليق ذكره فى هذا المقام العظم الشأن فقلت اتق الله فقال ألم يقل (حبب الىّ) فقلت ويحك قال حبب ولم يقل أحببت قال ثم خرجت بالهمّ فرأيت النبي عليه السلام فقال لاتهتم فقد قتلناه قال فخرج ذلك القاص الى بعض القرى فقتله بعض قطاع الطريق لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ اى حجته الباهرة الدالة على كمال قبح الزنى. والمراد برؤيته لها كمال ايقانه ومشاهدته لها مشاهدة واصلة الى مرتبة عين اليقين التي تتجلى هناك حقائق الأشياء بصورها الحقيقية وتنخلع عن صورها المستعارة التي بها تظهر فى هذه النشأة على ما نطق به قوله عليه السلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) وكأنه قد شاهد الزنى بموجب ذلك البرهان النير على ما هو عليه فى حد ذاته أقبح ما يكون. وجواب لولا محذوف يدل عليه الكلام اى لولا مشاهدته برهان ربه فى شأن الزنى لجرى على موجب ميله الجبلي لعدم المانع الظاهر ولكنه حيث كان شاهد اله من قبل استمر على ما هو عليه من قضية البرهان وفائدة هذه الشرطية بيان ان امتناعه لم يكن لعدم مساعدة من جهة الطبيعة بل بمحض العفة والنزاهة مع وفور الدواعي الداخلية وترتب المقدمات الخارجية الموجبة لظهور الاحكام الطبيعية هذا وقد نص ائمة الصناعة على ان لو فى أمثال هذه المواقع جار من حيث المعنى لا من حيث الصيغة مجرى التقييد للحكم المطلق كما فى مثل قوله تعالى إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها فلا يتحقق هناك همّ أصلا وقالوا البرهان ما رأى فى جانب البيت مكتوبا ولا تقربوا الزنى او قال له ملك تهمّ بفعل السفهاء وأنت مكتوب فى ديوان الأنبياء او انفرج له سقف البيت فرأى يعقوب عاضا على يديه وبه كان يخوف صغيرا او رأى شخصا يقول له يا يوسف انظر الى يمينك فنظر فرأى ثعبانا أعظم ما يكون فقال هذا يكون فى بطن الزاني غدا كَذلِكَ الكاف منصوب المحل وذلك اشارة الى الاراءة المدلول عليها بقوله تعالى لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ اى مثل ذلك التبصير والتعريف عرفناه برهاننا فيما قبل لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ خيانة السيد وَالْفَحْشاءَ والزنى لانه مفرط فى القبح. وفيه آية بينة وحجة قاطعة على انه لم يقع منه هم بالمعصية ولا توجه إليها قط وإلا لقيل لنصرفه عن السوء والفحشاء وانما توجه اليه ذلك من خارج فصرفه تعالى عنه بما فيه من موجبات العفة والعصمة كما فى الإرشاد إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ الذين أخلصهم الله لطاعة بان عصمهم مما هو قادح فيها وفيه دليل على ان الشيطان لم يجد الى اغوائه سبيلا ألا يرى الى قوله فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ