ذلك الثواب فى غاية الشرف بقوله وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ اى حسن الجزاء على الطاعات قادر عليه وهو نعيم الجنة الباقي لا كنعيم الدنيا الفاني
نعيم آخرت باقيست اى دل ... خنك آنكس كه باشد عبد مقبل
ولا يخفى ان هذا الجزاء العظيم والاجر الجسيم للذين جمعوا بين المهاجرة والإخراج من الأوطان والتأذى فى سبيل الله والقتال والمقتولية. فعلى السالك ان يهاجر من وطن النفس والعمل السيئ والخلق الذميم ويخرج من ديار الطبيعة الى عالم الحقيقة حتى يدخل مقام العندية الخاصة فان ثمرات المجاهدات المشاهدات والعمل الصالح يستدل به على حسن العاقبة- روى- ان صفوان بن سليم كان يجتهد فى العبادة والقيام وكان يبيت على السطح فى ايام الشتاء لئلا يستريح من البرد وفى الصيف ينزل الى بيته ليعذب نفسه بحر الهولء وكان عادته ذلك الى ان مات فى سجدته ووصل الى رحمة الله وجنته فهذا هو الاجتهاد فعليك به فان احتالت نفسك عليك فى ذلك فحدثها بأخبار السلف وأحوالهم وحكاياتهم كى ترغب فى الطاعة والاجتهاد فان فى ذلك نفعا كليا وتأثيرا عظيما: قال الفاضل الجامى قدس سره
هجوم نفس وهوا كز سپاه شيطانند ... چوزور بر دل مرد خدا پرست آرد
فان قالت النفس انهم كانوا رجالا أقوياء كيف يدانى بهم فى الطاعة من خلفهم فحدثها بأخبار النساء كيف كن إناثا ومع ذلك لم يتخلفن عن مجاهدات الرجال حتى وصلن الى ما وصلوا اليه كرابعة العدوية وغيرها: قال بعضهم
ولو كان النساء كمن ذكرنا ... لفضلت النساء على الرجال
فلا التأنيث لاسم الشمس عيب ... ولا التذكير فخر للهلال
ترا شرم نايد ز مردئ خويش ... كه باشد زنانرا قبول از تو بيش
قال الحسن البصري رحمه الله يا عجبا لأقوام بلا زاد وقد نودوا بالرحيل وحبس أولهم لآخرهم وهم قعود يلعبون- حكى- ان ملك الموت دخل على بعض الصالحين ليقبض روحه فقال مرحبا انا والله منذ خمسين سنة أتأهب لك. ولما بلغ عبد الله بن المبارك النزع فتح عينه ثم ضحك فقال لمثل هذا فليعمل العاملون. قال بعض العلماء من أراد ان ينال الجنة فعليه ان يداوم على خمسة أشياء. الاول ان يمنع نفسه من المعاصي قال الله تعالى وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى والثاني ان يرضى باليسير من الدنيا لانه روى فى الخبر (ان ثمن الجنة الطاعة وترك الدنيا) . والثالث ان يكون حريصا على الطاعات ويتعلق بكل طاعة فلعل تلك الطاعة تكون سبب المغفرة ووجوب الجنة قال الله تعالى وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. والرابع ان يحب الصالحين