عنه اما انصراف بالذات او بالقول والعزيمة وإعادة الشيء كالحديث وغيره تكريره وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى اى عند البعث بتأليف الاجزاء وتسوية الأجساد ورد الأرواح للحساب والجزاء وكون هذا الإخراج تارة اخرى باعتبار ان خلقهم من الأرض إخراج لهم منها وان لم يكن على نهج التارة الثانية. والتارة فى الأصل اسم للتور الواحد وهو الجريان ثم اطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات المتجددة كما مر فى المرة: قال الحكيم فردوسى
بخاكت در آرد خداوند پاك ... دكر ره برون آرد از زير خاك
بدان حال كايى بخاك اندرون ... بدان كونه از خاك آيى برون
اگر پاك در خاك كيرى مقام ... بر آيى از و پاك و پاكيزه نام
عن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل جاء الى النبي عليه السلام فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول مالى أراك مغموما حزينا قال عليه السلام (يا جبريل طال تفكرى فى امر أمتي يوم القيامة) قال أفى امر اهل الكفر أم فى امر اهل الإسلام فقال (يا جبريل فى امر اهل لا اله الا الله محمد رسول الله) فاخذ بيده حتى اقامه الى مقبرة بنى سلمة ثم ضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم بإذن الله فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فقال جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الأيسر فقال قم بإذن الله فخرج رجل مسود الوجه ازرق العينين وهو يقول وا حسرتاه وا ندامتاه فقال له جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم قال يا محمد على هذا يبعثون يوم القيامة وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تموتون كما تعيشون وتبعثون كما تموتون) قيل ليحيى بن معاذ رضى الله عنه ما بال الإنسان يحب الدنيا قال حق له ان يحبها منها خلق وهى امه ومنها عيشه ورزقه فهى حياته وفيها يعاد فهى كفاته وفيها كسب الجنة فهى مبدأ سعادته وهى ممر الصالحين الى الله تعالى فكيف لا يحب طريقا يأخذ بسالكه الى جوار ربه واعلم ان من صفة الأرض الطمأنينة والسكون لفوزها بوجود مطلوبها فكانت أعلى مرتبة فى عين السفل وقامت بالرضى فمقامها رضى وحالها تسليم ودينها اسلام وهكذا الإنسان الكامل فى الدنيا فان الله تعالى قد صاغه من قالب الأرض وهو وان كان ترابى الأصل لكن طرح عليه اكسير الروح الأعظم فاذا طار الروح بقيت سبيكة الجسد على حالها كالذهب الخالص إذ لا تبلى نفوس الكمل قال فى اسئلة الحكم الأكثرون على تفضيل الأرض على السماء لان الأنبياء خلقوا من الأرض وعبدوا فيها ودفنوا فيها وان الأرض دار الخلافة ومزرعة الآخرة واما الأرض الاولى فقال بعضهم انها أفضل لكونها مهبط الوحى ومشاهد الأنبياء وللانتفاع بها ولاستقرار الخلفاء عليها وغيرها من الفضائل انتهى يقول الفقير كان الظاهر ان تفضل السماء لكونها مقر الأرواح العالية ولذا يبقى الجسد هنا بعد الوفاة ويعرج الروح ولكن فضل الأرض لان اسباب العروج انما حصلت بالآلات الجسدانية وهى من الأرض ولذا جعل عليه السلام الصلاة من الدنيا فى قوله (حبيب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) وذلك لان صورة الصلاة التي هى الافعال والاذكار تحصل بالأعضاء والجوارح التي هى من الدنيا وعالم الملك وان كان القلب