ثم فلك الأثير ثم فلك الزمهرير اعنى الهواء ثم الماء ثم التراب وهو جماد لا حس فيه ولا حركة وليس له قدرة على تغيير ذاته وصفاته فلما وجدنا ذاته متغيرة عن وصف الترابية صورة ومعنى متبدلة كتغير صورته بصورة البشر وتبدل صفته بصفة البشرية علم انه محتاج الى مغير ومبدل وهو الله سبحانه وأشار بقوله (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) يعنى كنتم ترابا جمادا ميتا ابعد الموجودات عن الحضرة جعلتكم بشرا بنفخ الروح المشرف باضافة من روحى وهو اقرب الموجودات الى الحضرة فأى آية اظهر وأبين من الجمع بين ابعد الأبعدين واقرب الأقربين بكمال القدرة والحكمة ثم جعلتكم مسجود الملائكة المقربين وجعلتكم مرآة مظهرة لجميع صفات جمالى وجلالى ولهذا السر جعلتكم خلائق الأرض انتهى يقول الفقير والخليفة لا بد له من الانتقال من موطن الى موطن إعطاء لاحكام الإسلام فالموطن الدنيوي هو من آثار الاسم الظاهر والانتقال الى الموطن البرزخى من احكام الاسم الباطن فلما صار الغيب شهادة بالنسبة الى الموطن الاول فى ابتداء الظهور واوله فكذلك تصير الشهادة غيبا بالنسبة الى الموطن الثاني والموطن الحشرى فى انتهاء الظهور وثانيه. يعنى ان الدنيا تصير غيبا راجعا الى حكم الاسم الباطن عند ظهور البعث والحشر كما كانت شهادة قبله راجعة الى حكم الاسم الظاهر وان الاخرى تصير شهادة بعده كما كانت غيبا قبله فهى كالقلب الآن وسينقلب الأمر فيكون القلب قالبا والقالب قلبا نسأل الله الانتقال بالكمال التام والظهور فى النشأة الآخرة بالوجود المحيط العالم وَمِنْ آياتِهِ الدالة على البعث وما بعده من الجزاء أَنْ خَلَقَ لَكُمْ اى لاجلكم مِنْ أَنْفُسِكُمْ [از تن شما] أَزْواجاً [زنان وجفتان] فان خلق اصل أزواجكم حواء من ضلع آدم متضمن لخلقهن من أنفسكم والأزواج جمع زوج وهو الفرد المزاوج لصاحبه وكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات كما فى المفردات ويجوز ان يكون معنى من أنفسكم من جنسكم لا من جنس آخر وهو الأوفق بقوله لِتَسْكُنُوا إِلَيْها اى لتميلوا الى تلك الأزواج وتألفوا بها فان المجانسة من دواعى التضام والتعارف كما ان المخالفة من اسباب التفرق والتنافر
بجنس خود كند هر جنس آهنك ... ندارد هيچكس از جنس خود ننك
بجنس خويش دارد ميل هر جنس ... فرشته با فرشته انس با انس
يقول الفقير ذهب العلماء من الفقهاء وغيرهم الى جواز المناكحة والعلوق بين الجن والانس فقد جعل الله أزواجا من غير الجنس والجواب ان ذلك من النوادر فلا يعتبر وليس السكون الى الجنية كالسكون الى الانسية وان كانت متمثلة فى صورة الانس وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ وبين أزواجكم من غير ان يكون بينكم سابقة معرفة او رابطة قرابة ورحم مَوَدَّةً محبة وَرَحْمَةً شفقة وعن الحسن البصري المودة كناية عن الجماع والرحمة عن الولد كما قال تعالى وَرَحْمَةً مِنَّا اى فى حق عيسى عليه السلام وقال ابن عباس رضى الله عنهما المودة للكبير والرحمة للصغير إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من خلقهم من تراب وخلق أزواجهم من أنفسهم وإلقاء المودة والرحمة بينهم لَآياتٍ عظيمة لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى