وكان ذلك قبل نزول القسامة في التوراة فسألوا موسى ان يدعو الله ليبين لهم بدعائه فامرهم الله ان يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها فيحيى فيخبرهم بقاتله قالُوا كأنه قيل فماذا صنعوا هل سارعوا الى الامتثال او لا فقيل قالوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً اى أتجعلنا مكان هزء وسخرية وتستهزئ بنا نسألك عن امر القتيل وتأمرنا بذبح بقرة ولا جامع بينهما قال بعض العلماء كان ذلك هفوة منهم وجهالة فما انقادوا للطاعة وذبحها قالَ موسى وهو استئناف كما سبق أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ لان الهزؤ في أثناء تبليغ امر الله جهل وسفه ودل ان الاستهزاء بامر الدين كبيرة وكذلك بالمسلمين ومن يجب تعظيمه وان ذلك جهل وصاحبه مستحق للوعيد وليس المزاح من الاستهزاء قال امير المؤمنين على رضى الله تعالى عنه لا بأس بفكاهة يخرج بها الإنسان من حد العبوس روى انه قدم رجل الى عبيد الله بن الحسين وهو قاضى الكوفة فمازحه عبيد الله فقال جبتك هذه من صوف نعجة او من صوف كبش فقال
أتجهل ايها القاضي فقال له عبيد الله واين وجدت المزاح جهلا فتلا هذه الآية فاعرض عنه عبيد الله لانه رأه جاهلا لا يعرف المزاح من الاستهزاء ثم ان القوم علموا ان ذبح البقرة عزم من الله وجد فاستوصفوها كما يأتى ولو أنهم عمدوا الى ادنى بقرة فذبحوها لاجزأت عنهم ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم وكانت تحته حكمة والقصة انه كان فى بنى إسرائيل رجل صالح له ابن طفل وله عجلة اتى بها الى غيضة وقال اللهم انى استودعك هذه العجلة لابنى حتى يكبر ومات الرجل فصارت العجلة في الغيضة عوانا اى نصفا بين المسنة والشابة وكانت تهرب من كل من رأها فلما كبر الابن كان بارا بوالدته وكان يقسم الليل ثلاثة أثلاث يصلى ثلثا وينام ثلثا ويجلس عند رأس امه ثلثا فاذا أصبح انطلق فاحتطب على ظهره فيأتى به الى السوق فيبيعه بما شاء الله ثم يتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويعطى والدته ثلثة فقالت له امه يوما ان أباك قد ورثك عجلة استودعها الله في غيضة كذا فانطلق وادع آله ابراهيم وإسماعيل واسحق ان يردها عليك وعلامتها انك إذا نظرت إليها يخيل إليك ان شعاع الشمس يخرج من جلدها وكانت تلك البقرة تسمى المذهبة لحسنها وصفرتها لان صفرتها كانت صفرة زين لا صفرة شين فاتى الفتى الغيضة فرأها ترعى فصاح بها وقال اعزم عليك باله ابراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب فاقبلت تسعى حتى قامت بين يديه فقبض على عنقها يقودها فتكلمت البقرة بإذن الله وقالت ايها الفتى البار لوالدته اركبنى فان ذلك أهون عليك فقال الفتى ان أمي لم تأمرنى بذلك ولكن قالت خذ بعنقها فقالت البقرة بآله بنى إسرائيل لو ركبتنى ما كنت تقدر على ابدا فانطلق فانك ان أمرت الجبل ان ينقلع من أصله وينطلق معك لفعل لبرك بامك فسار الفتى بها الى امه فقالت له انك فقير لا مال لك ويشق عليك الاحتطاب بالنهار والقيام بالليل فانطلق فبع هذه البقرة قال بكم أبيعها قالت بثلاثة دنانير ولا تبع بغير مشورتى وكان ثمن البقرة ثلاثة دنانير فانطلق بها الى السوق فبعث الله ملكا ليرى خلقه قدرته وليختبر الفتى كيف بره بامه وكان الله به خبيرا فقال له الملك بكم تبيع هذه البقرة قال بثلاثة دنانير واشترط عليك رضى والدتي فقال الملك لك ستة دنانير ولا تستأمر والدتك فقال الفتى