للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسلية المحزون وتشجيع الجبان وتسخية البخيل وتصفية اللون وإنطاق الفتى العي وتهييج الهمة. ومنافع الميسر إصابة المال من غير كد ولا تعب وانتفاع الفقراء بلحم الجزور فانهم كانوا يفرقونها على المحتاجين قال الواقدي وربما قمر الواحد منهم في مجلس مائة بعير فيصيب مالا عظيما بلا نصب ولا ثمن ثم يعطيه المحتاجين فيكتسب المدح والثناء وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وفي الخمر إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهي تسفه الحليم ويصير شاربها بحيث يلعب ببوله وعذرته وقيئه كما ذكر ابن ابى الدنيا انه مر على سكران وهو يبول فى يده ويمسح به وجهه كهيئة المتوضئ ويقول الحمد لله الذي جعل الإسلام نورا والماء طهورا.

وفي الميسر انه إذا ذهب ماله من غير عوض ساءه ذلك فعادى صاحبه وقصده بالسوء قال المفسرون تواردت في الخمر اربع آيات نزلت بمكة وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً فطفق المسلمون يشربونها وهي لهم حلال يومئذ ثم ان عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة رضى الله تعالى عنهم قالوا أفتنا يا رسول الله في الخمر فانها مذهبة للعقل فنزلت يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ الآية فشربها قوم وقالوا نأخذ منفعتها ونترك إثمها وتركها آخرون وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه اثم كبير ثم ان عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه دعا ناسا منهم فشربوا وسكروا فام أحدهم فقرأ قل يا ايها الكافرون اعبد ما تعبدون الى آخر السورة بدون لا في لا اعبد فنزلت لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى الآية فقل من يشربها وقالوا لا خير في شىء يحول بيننا وبين الصلاة وشربها قوم في غير حين الصلاة حتى كان الرجل يشربها بعد صلاة العشاء فيصبح وقد زال عنه السكر ويشرب بعد الصبح فيصحو إذا جاء وقت الظهر ثم اتخذ عتبان بن مالك ضيافة ودعا رجالا من المسلمين فيهم سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه وكان قد شوى لهم رأس بعير فأكلوا منه وشربوا الخمر حتى سكروا منها ثم انهم افتخروا عند ذلك وانتسبوا وتناشدوا الاشعار فانشد سعد قصيدة فيها هجاء الأنصار وفخر لقومه فاخذ رجل لحى البعير فضرب به رأس سعد فشجه موضحة فانطلق سعد الى رسول الله وشكا اليه الأنصاري فقال عمر اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزل إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ فى المائدة الى قوله فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فقال عمر انتهينا يا رب. وحرمت الخمر في السنة الثالثة من الهجرة بعد غزوة الأحزاب بايام قال القفال والحكمة في وقوع التحريم على هذا الترتيب انه تعالى علم ان القوم كانوا ألفوا شرب الخمر وكان انتفاعهم به كثيرا وعلم انه لو منعهم دفعة واحدة لشق عليهم فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج وهذا الرفق ثم لما نزل التحريم أريقت الخمر قال ابن عمر رضى الله عنهما خرجنا بالحباب الى الطريق فمنا من كسر حبه ومنا من غسله بالماء والطين ولقد غودرت ازقة المدينة بعد ذلك حينا كلما مطرت استبان فيها لون الخمر وفاحت منها ريحها وحرمت الخمر ولم يكن يومئذ للعرب عيش اعجب منها وما حرم الله عليهم شيأ أشد من الخمر- روى- ان جبريل عليه السلام قال للنبى عليه السلام ان الله تعالى شكر لجعفر الطيار رضى الله عنه اربع خصال كان عليها في الجاهلية وهو عليها في الإسلام فسأل النبي عليه الصلاة والسلام جعفرا عن ذلك فقال يا رسول الله لولا ان الله اطلعك عليها لما أخبرتك بها ما شربت الخمر قط لانى رأيتها تزيل العقل

<<  <  ج: ص:  >  >>