والصديق بأن الصادق كالمخلص بالكسر من تخلص من شوآئب الصفات النفسانية مطلقا والصديق كالمخلص بالفتح من تخلص ايضا عن شوآئب الغيريه والثاني أوسع فلكا واكثر احاطة فكل صديق ومخلص بالفتح صادق ومخلص بالكسر من غير عكس قال أبو على الجرجاني قدس سرة قلوب الأبرار متعلقة بالكون مقبلين ومدبرين وقلوب الصديقين معلقة بالعرش مقبلين بالله لله لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ مبتدأ وخبر والجملة خبر ثان للموصول والضمير الاول على الوجه الاول للموصول والأخيران للصديقين والشهداء ولا بأس بالفك عند الامن اى لهم مثل أجرهم ونورهم المعروفين بغاية الكمال وعزة المنال وقد حذف اداة التشبيه تنبيها على قوة المماثلة وبلوغها حد الاتحاد كما فعل ذلك حيث قيل هم الصديقون والشهداء وليست المماثلة بين ما للفريق الاول من الأجر والنور وبين تمام ما للأخيرين من الأصل بدون الأضعاف ليحصل التفاوت واما على الوجه الثاني فمرجع الكل واحد
والمعنى لهم الأجر والنور الموعود ان لهم قال بعض الكبار لا يكون الأجر الا مكتسبا فان اعطاك الحق تعالى ما هو خارج عن الكسب فهو نور وهبات ولا يقال له أجر ولهدا قال تعالى لهم أجرهم ونورهم فان أجرهم ما اكتسبوه ونورهم ما وهبه الحق لهم من ذلك حتى لا ينفرد الأجر من غير أن يختلط به الوهب لان الأجر فيه شائبة الاستحقاق إذ هو معاوضة عن عمل متقدم يضاف الى العبد فماتم أجر الا ويخالطه نور وذلك لتكون المنة الالهية مصاحبة للعبد حيث كان فان تسمية العبد أجيرا مشعر بأن له نسبة في الطاعات والأعمال الصادرة عنه فتكون الاجارة من تلك النسبة ولذلك طلب العبد العون على خدمة سيده فان قلت من اى جهة قبل العبد الاجرة والبعد واجب عليه الخدمة لسيده من غير أن يأخذ اجرة وان جعلناه أجنبيا فمن اى جهة تعين الفرض عليه ابتداء قبل الاجرة والأجير لا يفترض عليه إلا حين يؤجر نفسه قلت الإنسان مع الحق تعالى على حالتين حالة عبودية وحالة اجارة فمن كونه عبدا فهو مكلف بالفرض كالصلاة والزكاة وجميع الفرائض ولا أجر له على ذلك جملة واحدة ومن كونه أجيرا له الاجرة بحكم الوعد الإلهي ولكن ذلك مخصوص بالأعمال المندوبة لا المفروضة فعلى تلك الأعمال التي ندب الحق إليها فرضت الأجور فان تقرب العبد بها الى سيده أعطاه إجارته وان لم يتقرب لم يطلب بها ولا عوتب عليها ومن هنا كان العبد حكمه حكم الأجنبى في الاجارة للفرض الذي يقابله الجزاء إذ هو العهد الذي بين الله وبين عباده واما النوافل فلها الأجور المنتجة للمحبة الالهية كما قال لا يزال عبدى يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه والحكمة في ذلك ان المتنفل عبد اختياري كالأجير فاذا اختار الإنسان أن يكون عبد الله لا عبد هواه فقد آثر الله على هواه وهو في الفرائض عبد اضطرار لا عبد اختيار وبين عبودية الاضطرار وعبودية الاختيار ما بين الأجير والعبد المملوك إذ العبد الأصلي ماله على سيده استحقاقا الا ما لا بد منه من مأكل وملبس ثم يقوم بواجبات مقام سيده ولا يزال في دار سيده لا يبرح ليلا ولانهارا الا إذا وجهه في شغل آخر فهو في الدنيا مع لله وفي القيامة مع الله وفي الجنة مع الله لانها جميعا ملك لسيده فيتصرف فيها