الناس استنزالا للامر الإلهي من جانب العرش وتقول اللهم أنزل على لسان نبيك فقامت عائشة تغسل الشق الآخر من رأسه عليه السلام وهى ما زالت في مراجعة الكلام مع رسول الله وبث الشكوى الى الله حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات الأربع سمعا لدعائها وقبولا لشكواها فكانت سببا لظهور امر الظهار وفي قد اشعار بأن الرسول والمجادلة كانا يتوقعان أن ينزل الله حكم الحادثة ويفرج عنها كربها لانها انما تدخل على ماض متوقع وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما اى يعلم تراجعكما الكلام وتخاطبكما وتجاوبكما في أمر الضار فان التحاور بمعنى التجاوب وهو رجع الكلام وجوابه يعنى يكديكر را جواب دادن من الحور بمعنى الرجوع وذلك كان برجوع الرسول الى الحكم بالحرمة مرة بعد أخرى ورجوع المجادلة الى طلب التحليل كذلك ومثله المحاورة في البحث ومنه قولهم في الدعاء نعوذ بالله من الحور بعد الكور اى الرجوع الى النقصان بعد الوصول الى الزيادة او الى الوحشة بعد الانس وقال الراغب الحور التردد اما بالذات واما بالتفكر وقيل نعوذ بالله من الحور بعد الكور اى من التردد في الأمر بعد المضي فيه او من نقصان وتردد في الحال بعد الزيادة فيها وصيغة المضارع للدلالة على استمرار السمع حسب استمرار التحاور وتجدده وفي نظمها في سلك الخطاب مع أفضل البريات تغليب إذ القياس تحاورها وتحاورك تشريفا لها من جهتين والجملة استئناف جار مجرى التعليل لما قبله فان الحافها في المسألة ومبالغتها في التضرع الى الله ومدافعته عليه السلام إياها بجواب منبئ عن التوقف وترقب الوحى وعلمه تعالى بحالهما
من دواعى الاجابة وفي كشف الاسرار ليس هذا تكرار الان الاول لما حكته عن زوجها والثاني لما كان يجرى بينها وبين رسول الله لان الاول ماض والثاني مستقبل إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ مبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات ومن قضيته أن يسمع تحاورهما ويرى ما يقارنه من الهيئات التي من جملتها رفع رأسها الى السماء وسائر آثار التضرع
يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدآئد كلها ... يا من اليه المشتكى والمفزع
مالى سوى قرعى لبابك حيلة ... ولئن رددت فاى باب أقرع
حاشى للطفك أن تقنط عاصيا ... الفضل أجزل والمواهب أوسع
وفي الآية دليل على ان من انقطع رجاؤه عن الخلق ولم يبق له في مهمه أحد سوى ربه وصدق في دعائه وشكواه كفاه الله ذلك ومن كان أضعف فالرب به ألطف
دعاى ضعيفان اميدوار ... ز بازوى مردى به آيد بكار
وفيها ان من استمع الله ورسوله والورثة الى كلامه فسائر الناس اولى (روى) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر بهذه المرأة في خلافته وهو على حمار والناس معه فاستوقفته طويلا ووعظته وقالت يا عمر قد كنت تدعى عميرا ثم قيل لك عمر ثم قيل لك امير المؤمنين فاتق الله يا عمر فانه من أيقن الموت خاف الفوت ومن أيقن الحساب خاف العذاب وهو