باجرائها على طريق الشرع فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ اى لا وزر على المغير في هذا التبديل لانه تبديل باطل الى حق بخلاف الاول إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وعد للمصطح بالاثابة وذكر المغفرة لمطابقة ذكر الإثم وكون الفعل من جنس ما يؤثم لان بعض التبديل وهو التبديل الى الباطل اثم وهذا من المشاكلة الصورية لا المعنوية لان التبديل الى خير ليس من جنس الإثم لكن صورته صورة ما يؤثم واعلم ان الوصية مستحبة لحاجة الناس إليها فان الإنسان مغرور بأمله اى يرجو الحياة مدة طويلة مقصر في عمله فاذا عرض له المرض وخاف الهلاك يحتاج الى تدارك تقصيره بماله على وجه لو مات فيه يتحقق مقصده المآلى ولو انهضه البرء يصرفه الى مطلبه الحالي وفي الحديث (ان الله تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر اعماركم زيادة لكم في أعمالكم تضعونها
حيث شئتم) ويوصى بفدية صلاته وصيامه لكل مكتوبة نصف صاع من الحنطة وكذا الوتر ولكل يوم من صوم رمضان ايضا نصف صاع من الحنطة وفي صوم النذر كذلك قال فى تفسير الشيخ ومن كان عليه حج او كفارة اى شىء من الواجبات فالوصية واجبة والا فهو بالخيار وعليه الفتوى ويوصى بإرضاء خصمائه وديونه- حكى- ان الامام الشافعي رحمه الله لما مرض مرض موته قال مروا فلانا يغسلنى فلما مات بلغ خبر موته اليه فحضر وقال ائتوني بتذكرته فأتى بها فنظر فيها فاذا على الشافعي سبعون الف درهم دينا فكتبها على نفسه وقضاها وقال هذا غسلى إياه وإياه أراد وفي الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من لم يوص لم يؤذن له في الكلام مع الموتى) قيل يا رسول الله وهل تتكلم الموتى قال (نعم ويتزاورون) قال الامام نقلا عن بعض الائمة الاعلام الأرواح قسمان منعمة ومعذبة. فاما المعذبة فهى محبوسة مشغولة عن التزاور والتلاقي. واما المنعمة المرسلة غير المحبوسة فتتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من اهل الدنيا فيكون كل روح مع رفيقه الذي هو على مثله عمله وهذه المعية ثابتة في دار البرزخ وفي دار الجزاء والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاث في كل موطن وموقف فعلى العاقل ان يختار صحبة الأخيار ويتأهب آناء الليل وأطراف النهار ولا يغتر بالمال والمنال ولا ينقطع عن الله بطول الآمال فان الدنيا فانية وكل من عليها فان فاتقوا الله كل حين وآن: قال الصائب
در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه
والاشارة في الآية انه كُتِبَ عَلَيْكُمُ على الأغنياء الوصية بالمال وكتب على الأولياء الوصية بالحال فالاغنياء يوصون في آخر أعمارهم بالثلث والأولياء يخرجون في مبادى أحوالهم عن الكل إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ اى يحضر قلب أحدهم مع الله ويموت بنفسه بالارادة عن الصفات الطبيعية الحيوانية كما قال صلى الله عليه وسلم (موتوا قبل ان تموتوا) ويترك كل خير وشر كان مشربها من الدنيا والعقبى فعليه ان يوصى لِلْوالِدَيْنِ وهما الروح العلوي والبدن السفلى فان النفس توالدت وحصلت بازدواجهما وَالْأَقْرَبِينَ وهم القلب والسر وباقى المتولدات البشرية بتركه وترك كل مشرب بظهر لهم من المشارب الروحانية الباقية والمشارب الجسمانية الفانية بِالْمَعْرُوفِ اى بالاعتدال من غير إسراف يفضى الى إتلاف محترزا في الأحوال من الركون الى