فيكون انتصابه على العلة لفرح اى فرحوا لاجل مخالفتهم إياه عليه السلام بان مضى هو للجهاد وتخلفوا عنه وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيثارا للدعة والخفض اى الراحة وسعة العيش على طاعة الله مع ما فى قلوبهم من الكفر والنفاق. وفى ذكر الكراهة بعد الفرح الدال عليها تعريض بالمؤمنين الذين بذلوا أموالهم وأنفسهم فى سبيل الله وآثروا تحصيل رضاه تعالى وفى قوله كرهوا مقابلة معنوية مع فرح لان الفرح من ثمرات المحبة وَقالُوا اى قال بعضهم لبعض تثبيتا لهم على التخلف والقعود وتواصيا فيما بينهم بالشر والفساد او قالوا للمؤمنين تثبيطا لهم عن الجهاد ونهيا لهم عن المعروف فقد جمعوا ثلاث خصال من خصال الكفر والضلال الفرح بالقعود وكراهة الجهاد ونهى الغير عن ذلك لا تَنْفِرُوا اى لا تخرجوا فِي الْحَرِّ فانه لا تستطاع شدته وكانوا دعوا الى غزوة تبوك فى وقت نضج الرطب وهو أشد ما يكون من الحر وقول عروة بن الزبير ان حروجه عليه السلام لتبوك كان فى زمن الخريف لا ينافى وجود الحر فى ذلك الزمن لان أوائل الخريف
وهو الميزان يكون فيه الحر وكان ممن تخلف عن مسيره معه صلى الله عليه وسلم ابو خيثمة ولما سار عليه السلام أياما دخل ابو خيثمة على اهله فى يوم حار فوجد امرأتين له فى عريشتين لهما فى حائط قدرشت كل منهما عريشتها وبردت فيها ماء وهيأت طعاما فلما دخل نظر الى امرأتيه وما صنعتا فقال رضى الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحر وابو خيثمة فى ظل وماء بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء ما هذا بالنصف ثم قال والله لا ادخل عريشة واحدة منكما حتى ألحق برسول الله فهيئالى زادا ففعلتا ثم قدم ناضحة فارتحلها وأخذ سيفه ورمحه ثم خرج فى طلب رسول الله حتى أدركه: قال الحافظ
ملول از همرهان بودن طريق كاردانى نيست ... بكش دشوارىء منزل بياد عهد آسانى
وقال
مقام عيش ميسر نميشود بي رنج ... بلى بحكم بلا بسته اند حكم الست
وقال
من از ديار حبيبم نه از ديار غريب ... مهيمنا بعزيزان خود رسان باشم
قُلْ ردا عليهم وتجهيلا نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا من هذا الحر وقد آثرتموها بهذه المخالفة فما لكم لا تحذرونها لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ اى يعلمون انها كذلك لما خالفوا وفى الحديث (ان ناركم هذه جزء من سبعين جزا من اجزاء نار جهنم) وبيانه انه لو جمع حطب الدنيا فاوقد كله حتى صار نارا لكان الجزء الواحد من اجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزأ أشد من حر نار الدنيا وفى الخبر لما اهبط آدم عليه السلام مضى جبرائيل الى مالك وأخذ منه جمرة لآدم فلما تناولها أحرقت كفه فقال ما هذه يا جبرائيل قال جمرة من جهنم غسلتها سبعين مرة ثم آتيتها إليك فالق عليها الحطب واخبز وكل ثم بكى آدم وقال كيف (تقوى أولادي على حرها فقال له جبرائيل ليس لها على أولادك المطيعين من سبيل كما ورد فى الحديث تقول جهنم للمؤمن جز يا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى) ومن كان مع الله لا يحرقه شىء ألا ترى الى حال النبي عليه السلام