للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكونهم يرون فى صورة الرجال كما عبر به عن الجن فى قوله تعالى وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ لكونهم فى صورة الرجال يقولون حين أشرفوا على اهل النار ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين لانهم مكلفون كبنى آدم فلا ينكر ان يدعوا الله لانفسهم بالأمن والتاسع هم الشهداء الذين خرجوا الى الغزو وغزوا فى سبيل الله بغير اذن آبائهم فقتلوا شهداء فاعتقوا من النار بان قتلوا فى سبيل الله واحتبسوا عن الجنة بعصيانهم آباءهم والعاشر قوم رضى عنهم آباؤهم دون أمهاتهم او أمهاتهم دون آبائهم والحادي عشر انهم أولاد الزنى والثاني عشر أولاد المشركين والثالث عشر هم الذين ماتوا فى الفترة ولم يبدلوا دينهم وزمان الفترة هو الزمان الذي بين عيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما والرابع عشر هم قوم كانت لهم صغائر لم تكفر عنهم بالآلام والمصائب فى الدنيا فوقفوا وليست لهم كبائر فيحبسون عن الجنة لينالهم بذلك غم فيقع فى مقابلة صغائرهم والخامس عشر هم الذين ذكرهم الله فى القرآن اصحاب الذنوب العظام من اهل القبلة- روى- عن بعض الصالحين انه

قال أخذتنى ذات ليلة سنة فنمت فرأيت فى منامى كأن القيامة قد قامت وكأن الناس يحاسبون فقوم يمضى بهم الى الجنة وقوم يمضى بهم الى النار قال فاتيت الى الجنة فناديت يا اهل الجنة بماذا نلتم سكنى الجنان فى محل الرضوان فقالوا لى بطاعة الرحمن ومخالفة الشيطان ثم أتيت الى باب النار فناديت يا اهل النار بماذا نلتم النار قالوا بطاعة الشيطان ومخالفة الرحمن قال فنظرت فاذا بقوم موقوفون بين الجنة والنار فقلت ما بالكم موقوفون بين الجنة والنار فقالوا لنا ذنوب جلت وحسنات قلت فالسيئات منعتنا من دخول الجنة والحسنات منعتنا من دخول النار وانشدوا

نحن قوم لنا ذنوب كبار ... منعتنا من الوصول اليه

تركتنا مذبذبين حيارى ... أمسكتنا عن القدوم عليه

هذا ما تيسر لى جمعه من الأقوال والله تعالى اعلم بحقيقة الحال والاشارة ان بين اهل النار واهل الجنة حجابا وهو من أوصاف البشرية والأخلاق الذميمة النفسانية فلا يرى اهل النار اهل الجنة من وراء ذلك الحجاب وبين اهل الجنة واهل الله وهم اصحاب الأعراف حجابا وهو من الأوصاف الخلقية والأخلاق الحميدة الروحانية فلا يرى اهل الجنة اهل الله من وراء ذلك الحجاب كما قال الله تعالى وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ يعنى اصحاب الأعراف يعرفون اهل الجنة والنار بما يتوسمون فى سيماهم من آثار نور القلب وظلمته وسميت الأعراف اعرافا لانها مواطن اهل المعرفة وانما سمى الله اهل المعرفة رجالا لانهم بالرجولية يتصرفون فيما سوى الله تصرف الرجال فى النساء ولا يتصرف فيهم شىء منه كقوله رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وحيث ما ذكر الله الخواص ذكرهم برجال كقوله رِجالٌ صَدَقُوا وكقوله فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا لان وجه الامتياز بين الخواص والعوام بالرجولية فى طلب الحق وعلو الهمة فان اصحاب الأعراف بعلو هممهم ترقوا عن حضيض البشرية ودركات النيران وصعدوا على ذروة الروحانية ودرجات الجنان وما التفتوا الى نعيم الدارين وما ركنوا الى كمالات المنزلين حتى عبروا عن المكونات وأقاموا على الأعراف

<<  <  ج: ص:  >  >>