للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله مصروف وغير مصروف قال الله تعالى أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ فمن صرفه جعله اسما للحى ومن لم يصرفه جعله اسما للقبيلة أَخاهُمْ من حيث النسب كهود عليه السلام كما تقدم صالِحاً عطف بيان لاخاهم وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر ابن ثمود قالَ استئناف يا قَوْمِ بحذف ياء المتكلم اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ فيه اشارة الى ان الله تعالى وان غاير بين الرسل من حيث الشرائع الا انه جمع بينهم فى التوحيد حيث سلك كل واحد منهم فى الدعوة مسلك الآخر فقال نوح وهود وصالح يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره- روى- انه لما هلكت عاد عمرت ثمود بلادها وخلفوهم فى الأرض وكثروا فى خصب وسعة فعتوا على الله وأفسدوا فى الأرض وعبدوا الأصنام فبعث الله

إليهم صالحا وكانوا قوما عربا وصالح من أوسطهم نسبا فدعاهم الى الله تعالى حتى شمط وكبر فلم ينبعه الا قليل منهم مستضعفون فحذرهم وانذرهم فسألوه آية تكون مصداقا لقوله فقال أية آية تريدون قالوا تخرج معنا الى عيدنا فى يوم معلوم لهم من السنة فتدعو إلهك وندعو الهتنا فان استجيب لك اتبعناك وان استجيب لنا اتبعتنا فقال صالح نعم فخرج معهم ودعوا أوثانهم وسألوا الاستجابة فلم تجبهم الى سؤلهم ولم يظهر اثم الانجاح فاقتضحوا ثم قال سيدهم جندع ابن عمرو وأشار الى صخرة منفردة فى ناحية الجبل يقال لها الكاتبة اخرج لنا من هذه الصخرة ناقة مخدجة على خلقة الجمل فى الجسامة وغلظة العظام والقوائم شبيهة بالبختى جوفاء وبراء عشراء فان فعلت صدقناك وأجبناك فاخذ عليهم صالح مواثيقهم لئن فعلت ذلك لتؤمنن ولتصدقن قالوا نعم فصلى ركعتين ودعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها فانصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها الا الله وهم ينظرون ثم نتجت ولدا مثلها فى العظم فآمن به جندع ورهط من قومه ومنع الباقين من الايمان ذواب بن عمرو والجباب صاحب أوثانهم ورباب كاهنهم

يكى بنور عنايت ره هدايت يافت ... يكى بوادي خذلان بماند سر كردان

يكى بوسوسه ديو رفت سوى سقر ... يكى ز پيروى حق كرفت ملك جنان

فمكشت الناقة مع ولدها فى ارض ثمود ترعى الشجر وتشرب الماء فبعد ظهور هذه المعجزة قال لهم صالح قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ اى آية ومعجزة ظاهرة وشاهدة بنبوتي مِنْ رَبِّكُمْ متعلق بجاءتكم او بمحذوف هو صفة لبينة قال المولى ابو السعود وليس هذا الكلام منه عليه السلام أول ما خاطبهم اثر دعوتهم الى التوحيد بل انما قاله بعد ما نصحهم وذكرهم بنعم الله فلم يقبلوا كلامه وكذبوه ألا يرى الى ما فى سورة هود من قوله تعالى هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها الى آخر الآيات هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً استئناف كأنه قيل ما هذه البينة فقال هذه ناقة الله انبهكم عليها او أشير إليها فى حال كونها آية وعلامة دالة على صحة نبوتى واضافة الناقة الى الاسم الجليل لتعظيمها كما يقال بيت الله او لمجيئها من جهته تعالى بلا اسباب معهودة ووسائط معتادة يعنى كانت بالتكوين من غير اجتماع ذكر وأنثى ولم تكن فى صلب ولا رحم ولم يكن للخلق فيها سعى ولكم بيان لمن هى آية له وخصوا بذلك لانهم هم الذين طلبوها

<<  <  ج: ص:  >  >>