وهو الذي أيهما شاء أصابهم به وليس بيمن أحد ولا بشؤمه عبر عما عند الله تعالى بالطائر تشبيها له بالطائر الذي يستدل به على الخير والشر او سببه شؤمهم عند الله تعالى وهو أعمالهم السيئة المكتوبة عنده فانها التي ساقت إليهم ما يسوءهم لا ما عداها فالطائر عبارة عن الشؤم على طريق تسمية المدلول باسم الدليل بناء على انهم يستدلون بالطير على الشؤم وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان ما يصيبهم من الله تعالى او من شؤم أعمالهم فيقولون ما يقولون مما حكى عنهم واسناد عدم العلم الى أكثرهم للاشعار بان بعضهم يعلمون ذلك ولكن لا يعملون بمقتضاه عنادا واستكبارا واعلم ان الطير بمعنى التشاؤم والاسم منه الطيرة على وزن العنبة وهو ما يتشاءم به من الفأل الرديء والأصل فى هذا ان العرب كانوا يتفاءلون بالطير فان خرج أحدهم الى مقصده واتى الطير من ناحية يمينه يتمين به وينبرك ويسميه سانحا وان اتى من ناحية شماله يتشاءم به ويسميه بارحا فيرجع
الى بيته ثم كثر قولهم فى الطير حتى استعملوه فى كل ما تشاءموا به وأبطل النبي عليه السلام الطيرة بقوله (الطيرة شرك) قاله ثلاثا وانما قال شرك لاعتقادهم ان الطيرة تجلب لهم نفعا او تدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبها فكأنهم أشركوها مع الله تعالى قال عبد الله من خرج من بيته ثم رجع لم يرجعه الا الطيرة رجع مشركا او عاصيا وذكر فى المحيط إذا صاحت الحمامة فقال رجل يموت المريض كفر القائل عند بعض المشايخ. وإذا خرج الرجل الى السفر فصاح العقعق فرجع من سفره فقد كفر عند بعض المشايخ قال عكرمة كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس رضى الله عنهما فمر غراب يصيح فقال رجل من القوم خير خير فقال ابن عباس لا خير ولا شر وانما اختص الغراب غالبا بالتشاؤم به أخذا من الاغتراب بحيث قالوا غراب البين لانه بان عن نوح عليه السلام لما وجهه لينظر الى الماء فذهب ولم يرجع ولذا تشاءموا به واستخرجوا من اسمه الغربة قال ابن مسعود لا تضر الطيرة الا من تطير ومعناه ان من تطير تطيرا منهيا عنه او يراه مما يتطير به حتى يمنعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه فاما من توكل على الله ووثق به بحيث علق قلبه بالله خوفا ورجاء وقطعه عن الالتفات الى الأسباب المخوفة وقال ما امر به من الكلمات ومضى فانه لا يضره فالمراد بالكلمات ما فى قوله عليه السلام (ليس عبد الا سيدخل قلبه الطيرة فاذا أحس بذلك فليقل اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك ولا حول ولا قوة الا بالله ما شاء الله كان لا يأتى بالحسنات الا الله ولا يذهب بالسيئات الا الله واشهد ان الله على كل شىء قدير) ثم يمضى الى حاجته اى كل ما أصاب الإنسان من الخير والشر واليمين والشؤم ليس الا بقضائك وتقديرك وحكمك ومشيئتك وفى الحديث (الشؤم فى المرأة والفرس والدار) . فشؤم المرأة سوء خلقها او غلاء مهرها. وقيل ان لا تلد.
وشؤم الفرس عدم انقياده او انه لا يغزى عليه. وشؤم الدار ضيقها او سوء جارها وهذا الحكم على وجه الغلبة لا القطع خص الثلاث بالذكر لان فيها يصل الضرر الكثير الى صاحبها او لانها اقرب الى الآفة فيما يبتلى به الإنسان فمن تشاءم بالمذكورات فليفارقها واعترض عليه بحديث (لا طيرة) أجاب ابن قتيبة بان هذا مخصوص منه اى لا طيرة الا فى