وحصول ذلك كحال موسى فى طلب الرؤية على وجه مخصوص فلما اخبر بتعذر ذلك ناب وآمن انتهى قالَ الله تعالى وهو استئناف بيانى لَنْ تَرانِي لم يقل لن تنظر الى كقوله انظر إليك لان المطلوب هى الرؤية التي معها ادراك لا النظر الذي هو عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي لانه قد بتخلف عنه الإدراك فى بعض الصور قال فى التفسير لَنْ تَرانِي [نتوانى ديد مرا در دنيا چهـ حكم ازلى بر آن وجه واقع شده كه هر بشرى كه در دنيا بمن نظر كند بميرد] وفى المدارك لَنْ تَرانِي بالسؤال بعين فانية بل بالعطاء والنوال بعين باقية [صاحب كشف الاسرار كويد كه مقام موسى در ان ساعت كه خطاب لن ترانى شنيد عالى بود از ان وقت كه كفت أرني زيرا اين ساعت در عين مراد حق بود وآن وقت در عين مراد خود قائم بمراد حق بود كاملترست ار قيام بمراد خود]
لن ترانى ميرسد از طور موسى را جواب ... هر چهـ آن از دوست آيد سر إ كردن متاب
وهو دليل لنا ايضا لانه لم يقل لن ارى ليكون نفيا للجواز ولو لم يكن مرئيا لا خبر بانه ليس بمرئى إذا لحالة حالة الحاجة الى البيان فهو لا يدل على امتناع رؤيته فى نفس الأمر بل يدل على قصور الطالب عن رؤيته لتوقف الرؤية على حصول ما يستعد به الطالب لرؤيته وعدم حصول ذلك المعد فيه بعد فانه يجوز ان يبقى فيه حينئذ شىء من الحجاب المانع لرؤيته إياه لم يرتفع ذلك الحجاب بعد يقول الفقير هذا ما عليه اكثر اهل التفسير وهو ليس بمرضى عندى لان إتيان الطور لم يكن فى أوائل حاله عليه السلام بل كان ذلك نظير المعراج المحمدي بالنسبة الى مرتبته والتحقيق بعيد عن درك اهل التقليد وقد سألت حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة عن قولهم فى قوله تعالى لَنْ تَرانِي اى ببشريتك ووجودك فقال ان البشرية تنافى الرؤية وموسى عليه السلام انما سأل الرؤية بالنسبة الى ظاهر البشرية والوجود الكونى وهى لا تمكن ابدا بل لو تعلقت الرؤية بذات الله تعالى لتعلقت حالة الفناء فى الله واضمحلال حال البشرية فقلت يرد عليه ما وقع ليلة المعراج من الرؤية بعين الرأس فقال انه حبيب الله رأى ربه فى تلك الليلة بالسر والروح فى صورة الجسم ولا جسم هناك لانه تجاوز فى سيره عن عالم الأجسام كلها بل عن عالم الأرواح حتى وصل الى عالم الأمر فقلت يرد عليه ان الأنبياء والأولياء مشتركون فى الرؤية بالبصيرة حالة الفناء الكلى فلا فرق بين موسى ومحمد عليهما السلام فأى فائدة فى قوله لَنْ تَرانِي وايضا فى عروجه عليه السلام الى ما فوق العرش فان تلك الرؤية انما تحصل فى مقام العينية الجمعية
القلبية لا فى مقام الغيرية الفرقية القالبية فقال ان امر الرؤية وان كان محتاجا الى الانسلاخ التام عن الأكوان مطلقا الا ان الانسلاخ بالقلب والقالب مختص بنبينا عليه السلام فان موسى وكذا غيره من الأنبياء عليهم السلام انما يرون بالانسلاخ حين كون قوالبهم فى عالم العناصر. واما محمد صلى الله عليه وسلم فقد تجاوز عن عالم العناصر ثم عن عالم الطبيعة وذلك بالقلب والقالب جميعا فأنى يكون هذا لغيره فافهم جدا انتهى ما جرى بينى وبين حضرة الشيخ من السؤال والجواب وما تحاورناه فى المجلس الخاص المفتوح بابه للاحباب لا للاغيار واهل الإنكار والارتياب وقد كان ذلك كالقطرة من البحر الزاخر بالنسبة الى ما يحويه قلبه الحاضر قدس الله