والأصح انما خوطب موسى على جبل الطور الذي بقرب بحر القلزم فلما سمعت الجبال تعاظمت رجاء ان يتجلى لها وجعل زبير او الطور يتواضع فلما رأى الله تواضعه رفعه من بينها وخصه بالتجلى كذا فى عقد الدرر واللآلى: وفى المثنوى
اى خنك آنرا كه ذلت نفسه ... واى آن كز سركشى شد چون كه او
وقال اهل الاشارة ان موسى عليه السلام لما أراد الخروج الى الميقات جعل بين قومه وبين ربه واسطة بقوله لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي فلما سأله الرؤية جعل الله بينه وبينها واسطة وهى الجبل فقال لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فقال ان لم أصلح لخلافتك دون أخيك فانت لا تصلح لرؤيتى دون الجبل فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ اى سكن وثبت فَسَوْفَ تَرانِي فسوف تطيق ان تنظر الىّ وان لم يستقر مكانه فانك لا تطيق النظر الىّ فان الجبل مع صلابته لما تأثر من التجلي ولم يطق ذلك بل اندك وتفتت وتلاشى فكيف يطيق الإنسان الذي يدهش عند مشاهدة الأمور الهائلة فكيف عند مشاهدة ذى العظمة والجلال المطلق الذي لا يوصف جلاله وكبرياؤه وهو دليل لنا ايضا لانه علق الرؤية باستقرار الجبل وهو ممكن وتعليق الشيء بما هو ممكن يدل على إمكانه كالتعليق بالممتنع يدل على امتناعه ألا ترى ان دخول الكفار الجنة لما استحال علقه بمستحيل قال حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ والدليل على انه ممكن قوله جَعَلَهُ دَكًّا ولم يقل اندك وما أوجده تعالى كان جائزا ان لا يوجد لانه مختار فى فعله ولانه تعالى ما أيأسه من ذلك ولا عاتبه عليه ولو كان ذلك محالا لعاتبه كما عاتب نوحا عليه السلام بقوله إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ حين سأل إنجاء ابنه من الغرق فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ طهر له عظمته وتصدى له اقتداره وامره ومعنى ظهور عظمته واقتداره للجبل تعلقها به وظهور اثرها فيه وانما حمل على هذا المعنى لان ظهور ذاته للجمال غير معقول قال فى التفسير العيون كشف نوره من حجبه قدر ما بين الخنصر والإبهام إذا جمعتهما اى إذا وضعت الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر وعن سهل بن سعد الساعدي ان الله اظهر من سبعين الف حجاب نورا قدر الدرهم وفى التفسير الفارسي: يعنى [ظاهر كردانيد از نور خود يا از نور عرش بمقدار سوفار سوزنى] وقال الشيخ ابو منصور معنى التجلي للجبل ما قال الأشعري انه تعالى خلق فى الجبل حياة وعلما ورؤية حتى رأى ربه وهذا ايضا فيه اثبات كونه مرثيا جَعَلَهُ دَكًّا مصدر بمعنى المفعول اى صيره مدكوكا مفتتا وإذا حل بالجبل ما حل مع عظم خلقه فما ظنك بابن آدم الضعيف كما فى تفسير الكواشي قال بعض الكبار جعل الله الجبل فداء لموسى ولولا ان موسى كان مدهوشا لذاب كما ذاب الجبل قالوا عذب إذ ذاك كل ماء وأفاق كل مجنون وبرىء كل مريض وزال الشوك عن الأشجار واخضرت الأرض وازهرت وحمدت نيران المجوس وخرت الأصنام لوجوههن وانقطعت أصوات الملائكة وجعل الجبل ينهدم وينهال ويضطرب من تحت موسى حتى اندق كله فصار ذرات فى الهواء والذر هو الذي يرى إذا دخل الشعاع فى الكوى بتلك الكوة وفى بعض التفاسير صار لعظمته ستة اجبل وقعت ثلاثة بالمدينة أحد ورقان ورضوى وثلاثة بمكة ثور وثبير وحراء وفى تفسير