فافتتن قيل كان لبلعم امرأة يحبها ويطيعها فجمع قومه هدايا عظيمة فأتوا بها إليها وقبلتها فقالوا لها قد نزل بنا ماترين فكلمى بلعم فى هذا فقالت لبلعم ان لهؤلاء القوم حقا وجوارا عليك وليس مثلك يخذل جيرانه عند الشدائد وقد كانوا محسنين إليك وأنت جدير ان تكافئهم وتهتم بامرهم فقال لها لولا انى اعلم ان هذا الأمر من عند الله لاجبتهم فلم تزل به حتى صرفته عن رأيه فركب أتانا له متوجها الى الجبل ليدعو على موسى فما سار على الأتان الا قليلا فربضت فنزل عنها فضربها حتى كاد يهلكها فقامت فركبها فربضت فضربها فانطقها الله تعالى فقالت يا بلعم ويحك اين تذهب ألا ترى الى هؤلاء الملائكة امامى يردوننى عن وجهى فكيف أريد ان تذهب لتدعو على نبى الله وعلى المؤمنين فخلى سبيلها وانطلق حتى وصل الى الجبل وجعل يدعو فكان
لا يدعو بسوء إلا صرف الله به لسانه على قومه ولا يدعو بخير الا صرف الله به لسانه الى موسى فقال له قومه يا بلعم انما أنت تدعو علينا وتدعو له فقال هذا والله الذي أملكه وانطق الله به لسانى ثم امتد لسانه حتى بلغ صدره فقال لهم قد ذهبت والله منى الآن الدنيا والآخرة فلم يبق الا المكر والحيلة فسأمكر لكم واحتال حلوا النساء وزينوهن وأعطوهن الطيب وارسلوهن الى العسكر وأمروهن لا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها فانهم ان زنى منهم رجل واحد كفيتموهم ففعلوا فلما دخلت النساء المعسكر مرت امرأة منهم برجل من عظماء بنى إسرائيل فقام إليها وأخذ بيدها حين أعجبته بحسنها ثم اقبل بها الى موسى وقال له انى لأظنك ان تقول هذه حرام قال نعم هى حرام عليك لا تقربها قال فو الله لا نطيعك فى هذا ثم دخل بها قبة فوقع عليها فارسل الله على بنى إسرائيل الطاعون فى الوقت وكان فخاض بن العيزار صاحب امر موسى رجلا له بسطة فى الخلق وقوة فى البطش وكان غائبا حين صنع ذلك الرجل بالمرأة ما صنع فجاء والطاعون يجوس فى بنى إسرائيل فاخبر الخبر فاخذ حربته وكانت من حديد كلها ثم دخل على القبة فوجدهما متضاجعين فدفهما بحريته حتى انتظمهما بها جميعا فخرج بهما يحملهما بالحربة رافعا بهما الى السماء والحربة قد أخذها بذراعه واعتمد بمرفقه وأسند الحربة الى لحيته وجعل يقول اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك فرفع الطاعون من حينئذ عنهم فحسب من هلك من بنى إسرائيل فى ذلك الطاعون فوجدهم سبعين الفا فى ساعة من نهار وهو ما بين ان زنى ذلك الرجل بها الى ان قتل ثم ان موسى عليه السلام أفتاه يوشع بن نون حاربوا أهل تلك البلدة وغلبوهم وقتلوا منهم وأسروا وأتوا ببلعم أسيرا فقتل فجاؤا بما قبل من العطايا الكثيرة وغنموها فَانْسَلَخَ مِنْها اى من تلك الآيات انسلاخ الجلد من الشاة والحية ولم يخطرها بباله أصلا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ اتبع وتبع بمعنى واحد كاردف وردف. والمعنى ان الشيطان كان وراءه طالبا لإضلاله وهو يسبقه بالايمان والطاعة لا يدركه الشيطان ثم لما انسلخ من الآيات لحقه وأدركه فَكانَ [پس كشت آن داننده آيات] اى فصار مِنَ الْغاوِينَ من زمرة الضالين الراسخين فى الغواية بعد ان كان من المهتدين. والغى يذكر بمعنى الهلاك ويذكر بمعنى الخيبة وفى القاموس غوى ضل قال الامام الغزالي كان بلعم بن باعورا بحيث إذا