للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابيض الوجه وان كان عبارة عن تقدس ذاته عن النقائص المكدرة الا انه يوهم معنى فاسدا فالمراد بالترك المأمور به الاجتناب عن ذلك وبأسمائه ما اطلقوه عليه تعالى وسموه به على زعمهم لا أسماؤه حقيقة واما بان يعدلوا عن تسميته تعالى ببعض أسمائه الكريمة كما قالوا وما الرحمن ما نعرف سوى رحمان اليمامة. فالمراد بالترك الاجتناب ايضا. وبالأسماء أسماؤه تعالى حقيقة فالمعنى سموه تعالى بجميع الأسماء الحسنى واجتنبوا إخراج بعضها من البعض- روى- ان رجلا من الصحابة دعا الله تعالى فى صلاته باسم الله وباسم الرحمن فقال رجل من المشركين أليس يزعم محمد وأصحابه انهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا الرجل يدعو ربين اثنين فانزل الله تعالى هذه الآية فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ادعوا الله او ادعوا الرحمن رغما لانوف المشركين) فان تعدد الاسم لا يستلزم تعدد المسمى سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى اجتنبوا الحادهم كيلا يصيبكم ما أصابهم فانه سينزل بهم عقوبة الحادهم فقوله وَذَرُوا الَّذِينَ إلخ معناه واتركوا تسمية الزائغين فيها بتقدير المضاف إذ لا معنى لترك نفس الملحدين وقال بعض العلماء المراد بالأسماء الا لحسنى الصفات العلى فان لفظ الاسم قد يطلق على ما يسمونه الذات من صفاتها العظام يقال طار اسمه فى الآفاق اى انتشرت صفته ونعته فكأنه قيل ولله الأوصاف قال فى التأويلات النجمية وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يشير الى ان اسم الله له بمثابة اسم العلم للخلق وهو اسم ذاته تبارك وتعالى والباقي من الأسماء هو اسماء الصفات لانه قال ولله الأسماء الحسنى فاضاف الأسماء الى اسم الله وأسماؤه كلها مشتقة من صفاته الا اسم الله فانه غير مشتق عندنا وعند الأكثرين لانه اسم الذات فكما ان ذاته تعالى غير مخلوق من شىء كذلك اسمه غير مشتق من شىء فان الأشياء مخلوقة فاسماء صفاته تعالى بعضها مشتق من الصفات الذاتية فهو غير مخلوق وبعضها مشتق من صفات الفعل فهو مخلوق لان صفات الذات كالحياة والسمع والبصر والكلام والعلم والقدرة والارادة والبقاء قديمة غير مخلوقة وصفات الفعل مخلوقة تضاف اليه عند الإيجاد فلما أوجد الخلق وأعطاهم الرزق سمى خالقا ورازقا الا انه تعالى كان فى الأزل قادرا على الخالقية والرازقية فقوله ولله الأسماء الحسنى اى الصفات الحسنى فَادْعُوهُ بِها اى فادعوا الله بكل اسم مشتق من صفة من صفاته بان تتصفوا وتتخلقوا بتلك الصفة فالاتصاف بها بالأعمال والنيات الصالحات كصفة الخالقية فان الاتصاف بها بان تكون مناكحته للتوالد والتناسل بخلاف الخالق كما قيل لحكيم وهو يواقع زوجته ما تعمل قال ان تم فانسان. والاتصاف بصفة الرازقية بان ينفق ما رزقه الله على المحتاجين ولا يدخر منه شيأ وعلى هذا فقس البواقي.

واما التخلق بها فالاحوال وذلك بتصفية مرآة القلب ومراقبته عن التعلق بما سوى الله والتوجه اليه ليتجلى له بتلك الصفات فيتخلق بها وهذا تحقيق قوله (كنت له سمعا وبصرا فى يسمع وبي يبصر) وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ اى يميلون فى صفاته اى لا يتصفون بها وتسميته تعالى باسم لم يسم به نفسه ايضا من الإلحاد كما يسمونه الفلاسفة بالعلة الاولى والموجب بالذات يعنون به انه تعالى غير مختار فى فعله وخلقه وإيجاده تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ومن وصفه تعالى بوصف او بصفة لم يرد بها النص فايضا الحاد سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>