للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الا فى هاتين الحالتين فان كل واحدة منهما ليست انهزاما فى الحقيقة بل من قبيل التهيؤ والتقوى للحرب فمن ولى ظهره لغير أحد هذين الغرضين فَقَدْ باءَ اى رجع بِغَضَبٍ عظيم كائن مِنَ اللَّهِ تعالى وَمَأْواهُ فى الآخرة جَهَنَّمُ اى بدل ما أراد بفراره ان يأوى اليه من مأوى ينجيه من القتل والمأوى المكان الذي يأوى اليه الإنسان اى يأتيه وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى المرجع جهنم وهذا الوعيد وان كان بحسب الظاهر متناولا لكل من يولى دبره وقت ملاقاة الكفار الا انه مخصوص بما إذا لم يزد العدو على ضعف المسلمين لقوله تعالى فى آخر هذه السورة الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ قال ابن عباس رضى الله عنه من فرمن ثلاثة لم يفر ومن فرمن اثنين فقد فر اى ارتكب المحرم وهو كبيرة الفرار من الزحف: وفى المثنوى

اين چنين هوشى كه از موشى پريد ... اندر آن صف تيغ چون خواهد كشيد

چالش است آن حمزه خوردن نيست اين ... تا تو بر مالى بخوردن آستين

نيست حمزه خودن اينجا تيغ بين ... حمزه بايد درين صف آهنين

كار هر نازك دلى نبود قتال ... كه كر يزد از خيالى چون خيال

كار تركانست نى تركان برو ... جاى تركان هست خانه خانه شو

وعد بعض العلماء الكبائر الى سبعين منها الفرار من الجيش فى الغزو إذا كان مثلا او ضعفا وكل ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الله والدين فهى كبيرة تسقط العدالة فى الشهادة فعلى العاقل ان يقدم على الحرب بقلب جريىء ويعلم ان الجبن لا يؤخر اجله وان الاقدام على القتال لا يعجل موته ويتشبه الغازي فى أوان المقاتلة بأصناف من الخلق فيكون كقلب الأسد لا يجبن ولا يفر كما ان الأسد مقدام غير جبان وكرار غير فرار وفى كبر النمر بالفارسية [پلنگ] لا يتواضع للعدو وفى شجاعة الدب يقاتل بجميع جوارحه وفى جملة الخنزير لا يولى دبره إذا حمل اى لا يعرض وجهه عما توجه اليه وفى إغارة الذئب إذا يئس من وجه أغار من وجه آخر والاغارة بالفارسية [يغما كردن] وفى حمل السلاح الثقيل كالنملة تحمل أضعاف وزن بدنها وفى الثبات كالحجر لا يزول عن مكانه وفى الصبر كالحمار وفى الوفاء كالكلب لو دخل سيده النار يتبعه وفى التماس الفرصة والظفر كالديك ويكون فى الصف ساكنا كالمصلى الخاشع ويكون فى متابعة امير العسكر كمتابعة المأموم امامه فى الصلاة اى لا يخالفه أصلا ويغطى نفسه بالسلاح كتغطية البكر نفسها بالثياب إذا زفت اى أرسلت الى الزوج وفى تكثير قليل سلاحه وماله كالمرائى إذا قل ماله وعبادته ويكون فى المكر والخيلة إذا هزمه العدو اى غلب عليه كالثعلب إذا اضطره الكلب فان مدار الحرب على الخداع وفى التبختر والخيلاء بين الصفين كالعروس وفى الخفة فى تحريف القتال من جانب الى آخر كالصبى وفى صياحه إذا صاح بالعدو كالرعد وهو اسم ملك على قول وفى سوء ظنه اى فى الحذر عما يهلكه فى جميع أحواله كالغراب الا بقع وهو الذي فيه سواد وبياض وفى حراسته والاحتراز عن المكاره كالكركى وهو طير معروف لا زوردى اللون يشابه اللقلق فى الهيئة بالفارسية [كلتك] ومن الحيوان الذي لا يصلح الا برئيس لان فى طبعه الحرس والتحارس بالنوبة والذي يحرس يهتف بصوت خفى كأنه يندر بانه حارس

<<  <  ج: ص:  >  >>