ثم يصلون ركعتين ثم يرجعون الى أهاليهم وهى صلاة الاشراق وهو أول وقت الضحى وذلك بعد ان تطلع الشمس ويصلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة) ذكر فى شرح المصابيح ان فى قوله ثم قعد يذكر الله تعالى دلالة على ان المستحب فى هذا الوقت انما هو ذكر الله تعالى لا القراءة لان هذا وقت شريف وان للمواظبة للذكر فيه تأثيرا عظيما فى النفوس وقال فى المنية ناقلا عن جمع العلوم ومن وقت الفجر الى طلوع الشمس ذكر الله تعالى اولى من القراءة ويؤيده ما ذكره فى القنية من ان الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن فى الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها وعن النبي صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على ساعة من ساعات الجنة الظل فيها ممدود والرزق فيها مقسوم والرحمة فيها مبسوطة والدعاء مستجاب قالوا بلى يا رسول الله قال ما بين طلوع الفجر الى الى طلوع الشمس) قال على المرتضى رضى الله عنه مر النبي عليه السلام بعائشة رضى الله عنها قبل طلوع الشمس وهى نائمة فحركها برجله فقال (قومى لتشاهدى رزق ربك ولا تكونى من الغافلين ان الله يقسم أرزاق العابد بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس) واختلف فى ان التهليل والتسبيح ونحوهما بمجرد القلب أفضل او باللسان مع حضور القلب احتج من رجح الاول بان عمل السر أفضل واحتج من رجح الثاني بان العمل فيه اكثر فافتضى زيادة والصحيح هو الثاني ذكره النووي فى شرح مسلم والذكر الكثير ما كان بصفاء القلب فصفاء القلب جنة العارف فى الدنيا فانه يجاوز بذكر الله تعالى عن جحيم النفس الامارة وهاويتها فيترقى الى نعيم الحضور قال ابو بكر الفرغاني كنت أسقط فى بعض الأيام عن القافلة فقلت يا رب لو علمتنى الاسم الأعظم فدخل على رجلان وقال أحدهما للآخر الاسم الأعظم ان تقول يا الله ففرحت به فقال ليس كما تقول بل بصدق اللجأ اى الالتجاء والاضطرار كما يقول من كان فى لجة البحر ليس ملجأ غير الله واعلم ان الجهاد من أعظم الطاعات ولذلك لا يجتمع غبار المجاهد مع دخان جهنم وبخطوة من
المجاهد يغفر ذنب وبأخرى تكتب حسنة ولكن ينبغى للمجاهد ان يصحح نيته ويثبت فى مواطن الحرب فان بثبات القلب والقدم يتبين أقدار الرجال كما كان للصديق رضى الله عنه حين صدمته الوجيعة بوفاة رسول الله حين قال من كان يعبد محمدا فان محمدا قدمات ومن كان يعبد رب محمد فانه حى لا يموت ويجتنب عن الظلم وارتكاب المعاصي فان الغلبة على الأعداء بالقوة القدسية والتأييد الإلهي لا بالقوة الجسمانية وكثرة العدد والعدد ألا يرى الى الله تعالى كيف أيد المؤمنين بالملائكة فى غزوة بدر مع قتلهم وكثرة الكافرين فالذين جاهدوا فى سبيل الله بالتقى والصبر والثبات فقد غلبوا على الأعداء ووصلوا الى الدرجات
واستعرض الإسكندر جنده فتقدم اليه رجل بفرس اعرج فامر بإسقاطه فضحك الرجل فاستعظم ضحكه فى ذلك المقام فقال له ما اضحكك وقد اسقطتك قال العجب منك قال كيف قال تحتك آلة الهرب وتحتى آلة الثبات ثم تسقطنى فاعجب بقوله وأثبته ثم اعلم ان الفئة الباغية ظاهرة كالطائفة الكافرة والجماعة الفاجرة وباطنة كطائفة القوى النفسانية وجماعة النفس الامارة فكما ان المؤمن مأمور بالثبات عند ظهور الفئة الباغة الظاهرة فكذلك مأمور بالثبات عند ظهور الفئة الباغية